السّموم ، وكتب النجوم ، والمذموم من المعلوم ، هلّا كان من ينظر في ذلك قد قوطع بتاتا ، وأعتقد أنّ الله قد جعل لزمن الخير والشّرّ ميقاتا ، وأنّا لا نملك موتا ولا نشورا ولا حياتا ، وأنّ اللّوح قد حصر الأشياء محوا وإثباتا ، فكيف نرجو لما منع منالا أو نستطيع مما قدر إفلاتا؟ أفيدونا ما يرجّح العقيدة المقررة (١) نتحوّل إليه ، وبيّنوا لنا الحقّ نعوّل عليه. الله الله يا سيدي في النّفس المرشّحة ، والذّات المحلّاة (٢) بالفضائل الموشّحة ، والسّلف الشهير الخير ، والعمر المشرف على الرّحلة بعد حثّ السّير ، ودع الدنيا لأهلها (٣) فما أوكس حظوظهم ، وأخسّ لحوظهم ، وأقلّ متاعهم ، وأعجل إسراعهم ، وأكثر عناءهم ، وأقصر آناءهم : [مجزوء الكامل]
ما ثمّ (٤) إلّا ما رأي |
|
ت ، وربما تعيي السّلامة |
والناس إمّا جائر |
|
أو حائر يشكو ظلامه (٥) |
والله ما احتقب الحري |
|
ص سوى الذّنوب أو الملامه |
هل ثمّ شكّ في المعا |
|
د الحقّ أو يوم القيامه |
قولوا لنا ما عندكم |
|
أهل الخطابة والإمامه |
وإن رميت بأحجاري ، وأوجرت (٦) المرّ من أشجاري ، فو الله ما تلبّست منها اليوم (٧) بشيء قديم ولا حديث ، ولا استاثرت بطيّب فضلا عن خبيث. وما أنا إلّا عابر سبيل ، وهاجر مرعى وبيل ، ومرتقب وعد (٨) قدر فيه الإنجاز ، وعاكف على حقيقة لا تعرف المجاز ، قد فررت من الدنيا كما يفرّ من الأسد ، وحاولت المقاطعة حتى بين روحي والجسد ، وغسل الله قلبي ، ولله (٩) الحمد ، من الطّمع والحسد ، فلم أبق عادة إلّا قطعتها ، ولا جنّة للصّبر إلّا ادّرعتها ، أمّا اللّباس فالصّوف ، وأما الزّهد فيما في أيدي (١٠) الناس فمعروف ، وأما المال الغبيط فعلى الصّدقة مصروف. وو الله
__________________
(١) في النفح : «المتقررة فنتحوّل ...».
(٢) في الأصل : «واللّذّات المحلات» ، والتصويب من النفح.
(٣) في النفح : «لبنيها».
(٤) في الأصل : «تمّ». والتصويب من النفح.
(٥) جاء بعد هذا البيت في نفح الطيب البيت التالي :
وإذا أردت العزّ لا |
|
ترزأ بني الدّنيا قلامه |
(٦) أوجرت المرّ : صببته في الفم. لسان العرب (وجر).
(٧) في الأصل : «لليوم». وفي النفح : «اليوم منها».
(٨) في النفح : «وعدا».
(٩) في الأصل : «وله» والتصويب من النفح.
(١٠) في النفح : «بأيدي الخلق فمعروف».