والغلوّ والاشتطاط ، وبنا الصّرح وعمل السّاباط ، ورفع العماد (١) وإدارة الفسطاط ، إلّا ألم (٢) يذهب القوة ، وينسي الآمال المرجوّة ، ثمّ نفس يصعد ، وسكرات تتردّد ، وحسرات لفراق الدّنيا تتجدّد ، ولسان يثقل ، وعين تبصر الفراق الحقّ (٣) وتمقل (قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ (٦٧) أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ (٦٨))(٤). ثم القبر وما بعده ، والله منجز وعيده ووعده ، فالإضراب الإضراب ، والتّراب التّراب. وإن اعتذر سيدي بقلّة الجلد ، لكثرة الولد ، فهو ابن مرزوق لا ابن رزّاق ، وبيده من التّسبّب ما يتكفّل بإمساك أرماق ، أين النّسخ الذي يتبلّغ الإنسان بأجرته (٥) ، في كن حجرته؟ لا بل السؤال الذي لا عار عند الحاجة بمعرّته؟ السؤال والله أقوم طريقا ، وأكرم فريقا ، من يد تمتدّ إلى حرام ، لا يقوم بمرام ، ولا يومّن من ضرام ، أحرقت فيه الحلل ، وقلبت الأديان والملل ، وضربت الأبشار ، ونحرت العشار ، ولم يصل منه على يدي واسطة السّوء المعشار. ثم طلب عند الشّدّة ففضح ، وبان سومه (٦) ووضح ، اللهمّ طهّر منها (٧) أيدينا وقلوبنا ، وبلّغنا من الانصراف إليك مطلوبنا ، وعرّفنا بمن لا يعرف غيرك ، ولا يسترفد إلّا خيرك ، يا الله. وحقيق على الفضلاء إن جنح سيدي منها إلى إشارة ، أو أعمل في احتلابها إضبارة (٨) ، أو لبس منها شارة ، أو تشوّف إلى خدمة إمارة ، ألا يحسنوا ظنونهم بعدها بابن ناس ، ولا يغترّوا بسمة (٩) ولا خلق ولا لباس ، فما عدا ، عمّا بدا (١٠)؟ تقضّى العمر في سجن وقيد ، وعمرو وزيد ، وضرّ وكيد ، وطراد صيد ، وسعد وسعيد ، وعبد وعبيد ، فمتى تظهر الأفكار ، ويقرّ القرار ، وتلازم الأذكار (١١) ، وتشام الأنوار ، وتتجلّى (١٢) الأسرار؟ ثم يقع الشّهود الذي تذهب معه الأفكار (١٣) ، ثم يحقّ الوصول الذي إليه من كلّ ما سواه الفرار ، وعليه المدار. وحقّ الحقّ الذي ما سواه فباطل ، والفيض الرّحماني الذي ربابه (١٤) الأبد (١٥) هاطل ، ما شابت (١٦)
__________________
(١) في النفح : «العمد».
(٢) في النفح : «أمل».
(٣) كلمة «الحق» ساقطة في النفح.
(٤) سورة ص ، الآيتان : ٦٧ ، ٦٨.
(٥) المراد نسخ الكتب وكتابتها.
(٦) في النفح : «شؤمه».
(٧) في الأصل : «منّا» والتصويب من النفح.
(٨) الإضبارة : الحزمة من الصحف. محيط المحيط (ضبر).
(٩) في الأصل : «بسمت» والتصويب من النفح.
(١٠) أخذه من المثل : «ما عدا مما بدا». أي ما منعك ما ظهر لك أولا. مجمع الأمثال (ج ٢ ص ٢٩٦).
(١١) في الأصل : «الادّكار» والتصويب من النفح.
(١٢) في النفح : «وتستجلى».
(١٣) في النفح : «الذي يذهب معه الإخبار».
(١٤) الرباب : السحاب. لسان العرب (ريب).
(١٥) في الأصل : «لا بدّ» والتصويب من النفح.
(١٦) في الأصل : «ما شاب» والتصويب من النفح.