مخاطبتي لك شائبة تريب (١) ، ولقد محضت لك ما يمحضه الحبيب إلى الحبيب (٢) ، فيحمل جفاء (٣) في الذي حملت عليه الغيره ، ولا تظنّ بي غيره. وإن (٤) أقدر قدري في مكاشفة سيادتك بهذا البثّ ، في الأسلوب الرّث ، فالحقّ أقدم ، وبناؤه لا يهدم ، وشأني معروف في مواجهة الجبابرة على حين يدي إلى رفدهم ممدودة ، ونفسي في النّفوس المتهافتة عليهم معدودة ، وشبابي فاحم ، وعلى الشّهوات مزاحم ، فكيف بي اليوم مع الشّيب ، ونصح الجيب ، واستكشاف العيب؟ إنما أنا اليوم على كلّ من عرفني كلّ ثقيل ، وسيف العذل (٥) في كفّي صقيل ، أعذل أهل الهوى ، وليست النّفوس في القبول سوا ، ولا لكلّ مرض (٦) دوا ، وقد شفيت صدري ، وإن جهلت قدري ، فاحملني ، حملك الله ، على الجادّة الواضحة ، وسحب عليك ستر الأبوّة الصّالحة ، والسّلام.
ولمّا (٧) شرح كتاب «الشّفا» للقاضي (٨) أبي الفضل عياض بن موسى بن عياض ، رحمه الله ، واستبحر فيه ، طلب أهل العدوتين بنظم (٩) مقطوعات تتضمّن الثّناء على الكتاب المذكور ، وإطراء مؤلّفه ، فانثال عليه من ذلك الطّم والرّم ، بما تعدّدت منه الأوراق ، واختلفت في الإجادة وغيرها الأرزاق ، إيثارا لغرضه ، ومبادرة من أهل (١٠) الجهات لإسعاف أربه ، وطلب مني أن ألمّ في ذلك بشيء ، فكتبت في (١١) ذلك : [الطويل]
شفاء (١٢) عياض للصّدور (١٣) شفاء |
|
وليس (١٤) بفضل قد حواه خفاء |
هديّة برّ لم يكن لجزيلها (١٥) |
|
سوى الأجر والذّكر الجميل كفاء |
وفى لنبيّ الله حقّ وفائه |
|
وأكرم أوصاف الكرام وفاء |
__________________
(١) في الأصل : «بريب» والتصويب من النفح.
(٢) في النفح : «للحبيب».
(٣) في النفح : «فتحمّل جفائي الذي ...».
(٤) في النفح : «وإن لم تعذرني مكاشفة سيادتك بهذا النّثّ ، في الأسلوب الرّثّ».
(٥) في النفح : «العدل» بالدال غير المعجمة.
(٦) في الأصل : «لا لكل من ضرّ؟» والتصويب من النفح.
(٧) النص مع الشعر في نفح الطيب (ج ٧ ص ٣٨٤).
(٨) في النفح : «للقاضي عياض رحمه الله تعالى».
(٩) في النفح : «نظم».
(١٠) في النفح : «كل».
(١١) في النفح : «له في ذلك». والأبيات أيضا في نفاضة الجراب ص ١٢٨.
(١٢) في الأصل : «شفا» وهكذا ينكسر الوزن ، والتصويب من النفح.
(١٣) في نفاضة الجراب : «للقلوب».
(١٤) في المصدر نفسه : «فليس».
(١٥) في النفح : «لمديلها».