بعضها واجب وبعضها مندوب ، مثل قوله : اغتسل للجمعة وللزيارة وللجنابة ولمسّ الميّت وغير ذلك.
مدفوع : بأنّه لا يتصوّر في ذلك قبح إلّا لزوم تأخير البيان عن وقت الخطاب ، سيّما فيما له ظاهر ، وقبحه ممنوع. وكون ذلك في كلّ المواضع موضع الحاجة ، سيّما موضع معرفة الوجه واعتقاد أنّ هذا واجب وذلك مندوب ، أيضا غير ظاهر.
والحاصل ، أنّ الدّليل قام على تعيين الحقيقة ، ولا مانع من استعماله في المعنى المجازي وهو عموم المجاز بقرينة من خارج ، ولا يجب وجود القرينة في اللّفظ ، وكذلك استعمال الصّيغة في المندوبات فقط بدون قرينة في اللّفظ.
وقد استدلّ أيضا : بآيات منها قوله تعالى : (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ)(١) الخ. هدّد سبحانه مخالف الأمر وحذّره من العذاب ، وهو يفيد الوجوب. وما ذكرنا هو مدلول السّياق لا صيغة ليحذر ليستلزم الدّور. والمصدر المضاف (٢) يفيد العموم حيث لا عهد ، فلا يرد أنّ الأمر لا عموم فيه ، والعموم الأفرادي لا المجموعي (٣) ليرد النّقض بترك مجموع المندوبات لكونه معصية وكلّ واحد منها على البدليّة لا السّالبيّة الكلّيّة (٤) ، بمعنى : لا يأتون بشيء من أوامره ليرتفع بالموجبة الجزئية فيلزم عدم العقاب على بعضها ، والأولى أن يقال : المراد بالأمر ، الطبيعة الكلّيّة ، وهو مستلزم للعموم لوجودها في ضمن كلّ فرد.
__________________
(١) النور : ٦٣.
(٢) وهذا جواب على الايراد الثاني الوارد في المقام ، ويتبعه أيضا إيرادات خمسة ، تلاحظها من سياق الكلام.
(٣) وهذا جواب على الايراد الثالث الوارد في المقام.
(٤) وهو الايراد الرابع.