وثانيا : على تسليم جواز ذلك (١) أو أنّ المراد من التجوّز هو إعلام الموجودين بأنّ المعدومين يصيرون مكلّفين وأمرهم بتبليغهم ذلك إيّاهم.
نقول : إنّ ذلك يستلزم كون جميع الخطابات الشفاهية مجازات إن أريد التغليب (٢) وهو كما ترى. وإن أريد استعمال اللّفظ في الحقيقي والمجازي على البدل ، فهو غير جائز أيضا ، على ما حقّقناه سابقا.
وما يقال في دفع ذلك : من أنّ جميع الخطابات معلّقة على شرائط التكليف ، وهي مختلفة بالنّسبة الى آحاد المكلّفين فمن حصلت له يدخل تحته ، وهذا أمر واحد لا تعدّد فيه ، فلا يلزم استعمال اللّفظ في المعنيين الحقيقي والمجازي.
ففيه : أنّ التحقيق أنّ الخطابات المشروطة لا تتعلّق بفاقدي الشرائط قطعا ، كما حقّقناه سابقا ، والتعليق لا يصحّ من العالم بالعواقب ، وقد بيّنّا في مباحث الأوامر معنى الواجب المشروط ، فلا نعيد. فالخطابات المطلقة لا تتعلّق إلّا بالواجدين ، والغرض من التعليق بالشّرط هو إعلام الحال ، وأنّ الفاقد للشّرط إذا صار واجدا ، فيتعلّق به الحكم حينئذ ، وقد بيّنّا سابقا أنّ الأصل في الواجبات هو الإطلاق حتّى يثبت التقييد بدليل ، فلم يتعلّق المطلقات إلّا بمن وجد الشرائط الثابتة ، سواء قارن ذكر الشرط لأصل الخطاب أو ثبت من دليل خارج ، فثبت لزوم إرادة المعنيين
__________________
(١) أي على تسليم جواز الطلب عن المعدومين كما في حاشية.
(٢) وهو ما غلب أحد المتصاحبين أو المتشابهين على الآخر بأن حمل الأمر متّفقا معه في الإسم ثم سمي ذلك الإسم وقصد إليهما جميعا مثل الشمسين للشمس والقمر ، والحسنين للحسن والحسين عليهماالسلام وما شابه ذلك. والكلام في الجمع نظير الكلام في التثنية ، كالقانتين ، وادخلوا الباب سجدا ، وما شابه ذلك.