احتجّ المخالف (١) : بأنّ رسول المعدومين هو رسول الحاضرين بالضّرورة ، ولا معنى للرسالة إلّا تبليغ الخطاب.
وباحتجاج العلماء (٢) في جميع الأعصار بهذه الخطابات من بعد زمن الصّحابة الى الآن من دون نكير ، وذلك إجماع منهم.
والجواب عن الأوّل : منع المقدّمة الثانية (٣) إن أريد تبليغه على سبيل المشافهة ، وعدم لزوم الخطاب لو أريد ما يعمّ أيضا الموجودين بإخبار المعدومين بثبوت التكاليف عليهم بالمقصود من هذه الخطابات على الوجه الذي قصد من الحاضرين ، ومشاركة الرّسول بينهم لا تقتضي أزيد من ذلك.
والجواب عن الثاني : منع أنّ احتجاجهم عليهم من جهة أنّ الخطاب متوجّه اليهم ، بل لإثبات أصل الحكم فيما جهل أصل الحكم أو اختلف فيه ، وبعد ثبوت أصل الحكم في الجملة ، فيعترفون بثبوته لما ثبت عندهم من اشتراكهم مع الحاضرين في الأحكام بالإجماع والضّرورة.
ونظير ذلك (٤) في الفقه كثير غاية الكثرة ، ألا ترى أنّ المتخاصمين في انفعال
__________________
ـ الموجود تحت الخطاب يكفي ، فالباقي ولو كان عدد قليل لكان أكثر من آلاف أعدام ، لشرافة الوجود ، هذا كما في الحاشية.
(١) وهو القائل بتوجّه الخطاب الى المعدومين أيضا ، وهو من الحنابلة كما في «الفصول» : ص ١٨٣ ، وذكر مضمونه في «المعالم» : ص ٢٦٩.
(٢) هذا دليل آخر للقائل بشمول الخطاب للمعدومين وذكره في «المعالم» : ص ٢٧٠ أيضا.
(٣) وهي قول الخصم ولا معنى للرسالة إلّا تبليغ الخطاب.
(٤) أي نظير احتجاج العلماء بتلك الخطابات لإثبات أصل الحكم فيما جهل أصل الحكم أو اختلف فيه.