من روايات القول المشهور ثم الاستدلال للشيخ بصحيحة الصحاف ـ ما صورته : «وهي مع صحتها صريحة الدلالة في المدعى فيتجه العمل بها وان كان الأول لا يخلو من قوة» انتهى وفيه من الإجمال والاشكال ما لا يخفى ، فإنه لا يخفى ان اتجاه العمل بهذه الرواية لا يتم إلا بتقييد تلك الأخبار بها ، وإلا للزم الترجيح من غير مرجح لصحة الأخبار التي قدمها بل الترجيح لتلك الاخبار لكثرتها ، وكون الأول لا يخلو من قوة انما يتم مع طرح هذه الصحيحة الصريحة باعترافه والا كان الواجب عليه بيان معنى لها تحمل عليه
بقي هنا شيء يجب التنبيه عليه وهو ان الأصحاب قد نقلوا عن الصدوق القول بما هو المشهور من كون الحامل كالحائل في التحيض ، وعبارة الفقيه لا تساعد على هذا الإطلاق حيث قال : «والحلبي إذا رأت الدم تركت الصلاة فإن الحبلى ربما قذفت الدم وذلك إذا رأت الدم كثيرا احمر فان كان قليلا اصفر فلتصل وليس عليها الا الوضوء» وظاهر هذه العبارة التحيض بخصوص ما كان بصفة دم الحيض والرجوع الى التمييز ، ويدل على ذلك ايضا ظواهر جملة من الأخبار : منها ـ رواية محمد بن مسلم عن أحدهما (عليهماالسلام) (١) قال : «سألته عن المرأة الحبلى قد استبان حبلها ترى ما ترى الحائض من الدم؟ قال تلك الهراقة من الدم ان كان دما احمر كثيرا فلا تصل وان كان قليلا اصفر فليس عليها الا الوضوء». والظاهر ان عبارة الصدوق مأخوذة من هذه الرواية ، ومنها ـ
صحيحة أبي المغراء (٢) قال : «سألت أبا عبد الله (عليهالسلام) عن الحبلى قد استبان ذلك منها ترى كما ترى الحائض من الدم؟ قال تلك الهراقة ان كان دما كثيرا فلا تصلين وان كان قليلا فلتغتسل عند كل صلاتين». وموثقة إسحاق بن عمار (٣) قال : «سألت أبا عبد الله (عليهالسلام) عن المرأة الحبلى ترى الدم اليوم واليومين؟ قال ان كان دما عبيطا فلا تصل ذينك اليومين وان كانت صفرة فلتغتسل عند كل صلاتين». والظاهر ان المراد بالكثرة والقلة في صحيحة أبي المغراء ما هو عبارة عن
__________________
(١ و ٢ و ٣) المروية في الوسائل في الباب ٣٠ من أبواب الحيض.