كل واحدة منهما ثلاثة أيام لأنه اليقين في الحيض وتصلي وتصوم بقية الشهر استظهارا وعملا بالأصل في لزوم العبادة» انتهى. قال في المدارك بعد نقل ذلك : «هذا كلامه ولا يخلو من قوة ، وتؤيده الروايتان المتقدمتان والإجماع ، فإن الخلاف واقع في الزائد عن الثلاثة».
أقول : لا يخفى ما في هذا الكلام من الضعف والوهن الظاهر لمن أعطى التأمل حقه في المقام (اما أولا) ـ فإن ما طعن به في سند الروايتين بما ذكره فيه ان هذا مناف لما صرح به في صدر كتابه كما قدمنا نقله عنه قريبا.
و (اما ثانيا) ـ فإنه قال في باب غسل النفاس بعد نقل موثقة عمار الساباطي ما لفظه : «وهذه وان كان سندها فطحية لكنهم ثقات في النقل» وقال بعد نقل رواية السكوني : «والسكوني عامي لكنه ثقة» وأنت خبير بان ما ورد في حق عبد الله بن بكير من المدح حتى عد في جملة من أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه لا يكاد يوجد في أحد من هؤلاء الذين قد حكم هنا بتوثيقهم. وقد أجاب في الذكرى عن ذلك فقال ـ ونعم ما قال ـ ان الشهرة في النقل والإفتاء بمضمونه حتى عد إجماعا يدفعهما ، قال : «ويؤيده ان حكمة الباري أجل من ان يدع امرا مبهما يعم به البلوى في كل زمان ومكان ولم يبينه على لسان صاحب الشرع مع لزوم العسر والحرج فيما قالوه ، وهما منفيان بالآي والاخبار وغير مناسبين للشريعة السمحة».
و (اما ثالثا) ـ فلانه لا يخفى ان إثبات الأحكام الشرعية التوقيفية على الوقف من الشارع بهذه التخريجات لا يخلو من المجازفة سيما مع وجود الأخبار في المسألة (فإن قيل) : ان كلامه هذا مبني على الاحتياط الذي صرحتم في غير موضع بأنه يجب الأخذ به مع عدم وجود النصوص ، والفرض هنا كذلك حيث ان هذه النصوص عندهم غير ثابتة ، فالوقوف على الاحتياط لا بأس به (قلنا) : لا يخفى انه مع الإغماض عن المناقشة في طرح النصوص المذكورة فإن هذا الاحتياط للعبادة فيما زاد على الأيام الثلاثة المحتملة