لكونها حيضا معارض بمخالفة الاحتياط في تحليل ما حرم الله تعالى على الحائض من نكاحها وجلوسها في المساجد وأمثال ذلك من المحرمات والمكروهات ، وحينئذ فالاحتياط المدعى غير تام بجميع موارده.
و (اما رابعا) ـ فلان الظاهر من اخبار «ان أقل الحيض ثلاثة» (١). انما هو بالنسبة الى من انقطع عنها الدم لدون ثلاثة ، فإنه لا يحكم بكونه حيضا وبها يستدل في هذا المقام ، واما من دام دمها بعد الثلاثة واستمر وحكم بكونه حيضا قطعا ولكن وقع التردد في مقداره كمحل البحث فإنه لا مجال للاستدلال بالأخبار المذكورة ، لأن الشارع قد جعل ما تراه من الدم الى تمام العشرة صالحا لان يكون حيضا وعادات النساء قد جرت على ذلك ، فكل فرد فرد من افراد هذه الاعداد صالح لان يكون فردا وترجيح بعضها على بعض يحتاج الى مرجح شرعي ، ويشير الى ذلك ما في موثقة سماعة (٢) من التخيير بين الثلاثة إلى تمام العشرة ، حيث ان هذا المقدار هو الذي علم من الشارع جعله حيضا ، وبذلك يظهر ان قوله : «لانه اليقين في الحيض» على إطلاقه ممنوع بل انما يتعين بالنسبة الى ما نقص عن هذا العدد ، واما ما زاد عليه إلى العشرة وهو حد الأكثر من الحيض فالحكم باليقينية ممنوع ، نعم العشرة يقين بالنسبة الى ما زاد عليها كما لا يخفى.
و (اما خامسا) ـ فلان قوله : «الأصل لزوم العبادة» مدفوع بأنه يجب الخروج عن هذا الأصل بتحقق الحيض ، والحيض هنا متحقق وانما وقع الشك في أيامه زيادة ونقيصة ، وترجيح بعضها على بعض من غير مرجح ممتنع ، والاستناد الى اخبار «أقل الحيض ثلاثة» (٣). غير مجد هنا لما عرفت ، على ان هذا الأصل معارض بأصالة تحريم ما حرم الله تعالى على الحائض من المحرمات المشار إليها آنفا ، وهذه حائض بالاتفاق وبالجملة فما ذكراه هنا وفي المضطربة كما سيأتي ان شاء الله تعالى ـ من التحيض بالثلاثة خاصة استضعافا للاخبار ـ ضعيف.
__________________
(١ و ٣) ص ١٥٨.
(٢) ص ١٩٤.