المتقدمة (١) ونحوها من الأخبار الدالة على صفات دم الحيض ، ثم أجاب بأن صفة الدم يسقط اعتبارها مع العادة لأن العادة أقوى في الدلالة ، ولما رواه محمد بن مسلم في الصحيح (٢) قال : «سألت أبا عبد الله (عليهالسلام) عن المرأة ترى الصفرة والكدرة في أيامها؟ قال لا تصل حتى تنقضي أيامها فإن رأت الصفرة في غير أيامها توضأت وصلت». أقول : قد سبقه الى ما ذكره هنا جده (قدسسره) في الروض ، والظاهر ان وجه استدلالهما بصحيحة محمد بن مسلم المذكورة هو انه لما كانت الصفرة والكدرة ليستا من صفات الحيض بل من صفات الطهر فلو رجح العمل بالتمييز لحكم بالطهر بوجودهما في أيام العادة مع ان الأمر بالعكس في الخبر ، فهو يدل على انه إذا تعارضت العادة والتمييز قدمت العادة فيجب تقديمها في محل البحث. وهو جيد. اما ما ذكره من التعليل الأول فإنه محض مصادرة لانه عين الدعوى ، نعم يصلح ان يكون وجها للنص المذكور وبيانا لوجه الحكمة فيما اشتمل عليه من الحكم. والأظهر هو الاستدلال على ذلك بموثقة إسحاق بن جرير المذكورة ، حيث انه (عليهالسلام) أمرها أولا مع استمرار الدم بالجلوس أيام الحيض حصل لها تمييز أم لم يحصل ثم بعد ان أخبرته باضطراب عادتها بالتقدم والتأخر والزيادة والنقصان أمرها بالرجوع الى التمييز ، وعلى هذا ينبغي ان تحمل حسنة حفص (٣) ونحوها. وفي المختلف بعد ان أورد حسنة حفص المذكورة حجة للشيخ أجاب بان ما دلت عليه حكم المضطربة والمبتدأة ، اما ذات العادة المستقرة فممنوع. وبالجملة فروايات التمييز مطلقة وهذه الروايات مختصة بذات العادة فيجب تخصيص اخبار التمييز بهذه الاخبار.
والمراد بالعادة التي يجب الأخذ بها هنا ما هو أعم من العادة الحاصلة بالأخذ والانقطاع بالنسبة إلى ذات العادة والعادة الحاصلة من التمييز بالنسبة الى ما عداها من المبتدأة والمضطربة عند الأصحاب والمضطربة خاصة عندنا إذ لم نجد للتمييز في المبتدأة مستندا
__________________
(١ و ٣) ص ١٥١.
(٢) رواه في الوسائل في الباب ٤ من أبواب الحيض.