العلامة في النهاية التردد بين جعلهما حيضا وبين التعويل على التمييز وبين التعويل على العادة والظاهر ضعفه لما عرفت من ان ظاهر الأخبار التعويل على العادة مطلقا ، ومن أظهر الأخبار زيادة على ما قدمنا موثقة إسحاق بن جرير (١) قال : «سألتني امرأة منا ان أدخلها على ابي عبد الله (عليهالسلام) فاستأذنت لها فاذن لها فدخلت ومعها مولاة لها ، فقالت له : يا أبا عبد الله ما تقول في المرأة تحيض فتجوز أيام حيضها؟ قال : ان كان أيام حيضها دون عشرة أيام استظهرت بيوم واحد ثم هي مستحاضة. قالت : فان الدم يستمر بها الشهر والشهرين والثلاثة فكيف تصنع بالصلاة؟ قال تجلس أيام حيضها ثم تغتسل لكل صلاتين. قالت له : ان أيام حيضها تختلف عليها وكان يتقدم الحيض اليوم واليومين والثلاثة ويتأخر مثل ذلك فما علمها به؟ قال دم الحيض ليس به خفاء هو دم حار تجد له حرقة ودم الاستحاضة دم فاسد بارد.». ألا ترى كيف شدد عليها الرجوع الى العادة كلما راجعته في الكلام ولم يأمرها بالرجوع الى التمييز إلا حيث أخبرته باختلاف العادة واضطرابها ، وبالجملة فإن ترك الاستفصال مع قيام الاحتمال يدل على العموم في المقال كما قرروه في غير موضع. وان لم يمض بينهما أقل الطهر فإن أمكن الجمع بينهما بان لا يتجاوز المجموع العشرة فالمنقول عن غير واحد من المتأخرين انه يجمع بينهما ، وعن الشيخ فيه قولان أحدهما ترجيح التمييز والآخر ترجيح العادة ولعله الأقرب الى الأخبار. وان لم يمكن الجمع بينهما كما إذا رأت في أيام العادة صفرة وقبلها أو بعدها بصفة دم الحيض وتجاوز الجميع العشرة فالمشهور بين الأصحاب ـ ومنهم الشيخ في الجمل والمبسوط وابن الجنيد والمرتضى ـ الرجوع الى العادة ، وقال الشيخ في النهاية بالرجوع الى التمييز ، وحكى في الشرائع قولا بالتخيير ولم ينقل هذا القول في المعتبر ولا نقله ناقل من الأصحاب كما اعترف به في المدارك ، وكيف كان فالمعتمد هو القول الأول للأخبار الكثيرة المتقدمة (٢) ونقل في المدارك عن الشيخ انه احتج لما ذهب إليه في النهاية بصحيحة حفص بن البختري
__________________
(١) المروية في الوسائل في الباب ٣ من أبواب الحيض.
(٢) ص ٢١٣.