كما يدل على صدق الموت قبل البرد كذلك يدل على جواز تغسيله قبله أيضا» أقول : الموجود فيما حضرني من كتب الأخبار ـ وهو الذي نقله في الوافي وكذلك في الوسائل ـ انما هو «قبل الميت إنسان. الى آخره» لا «غسل» كما نقله. واستدل به ايضا على النجاسة بالموت الشامل بإطلاقه لما قبل البرد ، وبعده بصحيحة الحلبي عن ابي عبد الله (عليهالسلام) (١) «عن الرجل يصيب ثوبه جسد الميت؟ قال يغسل ما أصاب الثوب». ورواية إبراهيم بن ميمون (٢) قال : «سألت أبا عبد الله (عليهالسلام) عن الرجل يقع ثوبه على جسد الميت؟ قال ان كان غسل الميت فلا تغسل ما أصاب ثوبك منه وان كان لم يغسل فاغسل ما أصاب ثوبك منه». وهما دالان على نجاسة الميت بالموت مطلقا ومدعى التقييد بالبرد عليه الدليل.
وبالجملة فهذا القول لما عرفت لا يخلو من قوة ، إلا ان ظاهر نفي البأس عن مسه بحرارته وتقبيله في تلك الحال ـ كما في جملة من الاخبار المتقدمة ـ هو الطهارة ولا سيما فعل الصادق (عليهالسلام) بابنه إسماعيل كما تضمنته صحيحة إسماعيل بن جابر (٣) وحينئذ فيمكن تقييد إطلاق الميت في الاخبار المتقدمة بالبرد جمعا بين الاخبار. وبذلك يظهر ما في كلام شيخنا الشهيد الثاني وقوله : «ان النجاسة علقها الشارع على الموت والغسل على البرد» من ان الموت بمجرده لا يستلزم النجاسة بل لا بد من تقييده بالبرد ليتم نفي البأس عن تقبيله ومسه بحرارته كما تضمنته الاخبار المشار إليها. واما اعتراضه على كلام الشهيد (رحمهالله) حيث ادعى انه انما يقطع بموته بعد البرد بالمنع من ذلك مستندا إلى انه لم يصرح أحد بعدم جواز دفنه قبل البرد ففيه انه لم يصرح أحد أيضا بجواز ذلك قبل البرد. واما إطلاقهم القول باستحباب التعجيل مع ظهور علامات الموت وهي ـ لا تتوقف على البرد ـ ففيه ان برد بدن الميت بعد الموت لا يتوقف على زمان يحصل به المنافاة لاستحباب التعجيل. واما قوله ـ : انه لو توقف القطع بالموت على البرد لما كان لقيد البرد فائدة ـ ففيه انا لا نمنع الموت حال
__________________
(١ و ٢) رواه في الوسائل في الباب ٣٤ من أبواب النجاسات.
(٣) ص ٣٢٨.