المخالف وإلا كان تغسيله مكروها بالمعنى المصطلح أو محرما وقد تقدم الكلام فيه ، واما تغسيله غسل أهل الخلاف فربما كان مستنده ما اشتهر من قولهم (عليهمالسلام) (١) : «ألزموهم بما ألزموا به أنفسهم». ولا بأس به انتهى.
أقول : لا يخفى ما في هذه الكلمات كملا من الاختلال والاضطراب والخروج عن جادة الحق والصواب ، وذلك انه متى ثبت بالأدلة المروية وجوب تغسيل المسلمين وان الخطاب متوجه إلى كافة المكلفين وان الغسل الشرعي الذي أمر به الشارع هو ان يكون على هذه الكيفية المشهورة بين الإمامية فالواجب على من توجه اليه الخطاب من المسلمين الموجودين ان يغسل هذا الميت المسلم بهذه الكيفية المنصوصة مخالفا كان أو مؤالفا فما ذكروه من هذه الكراهة ومن التعبير بالجواز ومن التخصيص بحال الاضطرار فكله مما لا يعرف له وجه وجيه كما لا يخفى على الفطن النبيه ، فإنهم كما أوجبوا إجراء أحكام الإسلام على المخالف في حال الحياة من الحكم بطهارته ومناكحته وحقن ماله ودمه وموارثته ونحو ذلك فكذا بعد الموت ، واي دليل دل على الفرق بين الحالين حتى يتم ما ذكروه من هذه التخريجات؟ فان الجميع مرتب على الإسلام ، والقائلون بمنع تغسيله انما صاروا اليه من حيث حكمهم بالكفر وهو ظاهر ، واما مع الحكم بالإسلام فكما انه لا فرق بينه وبين المؤمن في حال الحياة في تلك الأحكام فكذلك بعد الممات إلا ان يدل دليل على الفرق وليس فليس ، وأيضا فإن الكراهة حكم شرعي يتوقف على الدليل واي دليل على كراهة غسل المخالف مع الحكم بإسلامه؟ فإن كان لمجرد كونه مخالفا فلأي شيء لم يثبتوا هذه الكراهة في الأحكام المترتبة على الحياة بل جعلوه مثل المؤمن مطلقا؟ على ان الكراهة في العبادات انما هو باعتبار وقوع العبادة على أنواع بعضها أكثر ثوابا وبعضها أقل ثوابا بالنسبة إلى أصل العبادة الخالية مما يوجب الراجحية أو المرجوحية كما تقدم تحقيقه ، وهذا
__________________
(١) المروي في الوسائل في الباب ٢٩ من مقدمات الطلاق وشرائطه والباب ٤ من ميراث الاخوة والأجداد.