بين غسلها مع الرأس حينئذ كما قاله الأصحاب وغسلها مع البدن كما استظهره. وقد أجاب الوالد (نور الله ضريحه وطيب ريحه) عن ذلك بما يطول به زمام الكلام ، الا انه مع طوله لجودة محصوله مما يستحق ان يسطر في المقام ، قال (قدسسره) بعد نقل كلام المحدث المشار إليه : «أقول : المفهوم من كلام علمائنا (قدس الله أرواحهم) ـ تصريحا في مواضع وتلويحا في أخرى بحيث لم يعلم خلاف منهم بل هو كالإجماع فيما بينهم ـ ان الواجب هو غسل الرقبة مع الرأس من غير فرق بين كون الرقبة جزء من الرأس أو خارجة ، وكون إطلاق الرأس على ما يشمل الرقبة حقيقة على سبيل الاشتراك اللفظي أو مجازا على سبيل التبع ، بل المراد انهما من حيث تعلق حكم الغسل بهما أمر واحد وعضو واحد بحيث يغسلان معا بلا ترتيب بينهما ويجوز مقارنة النية لكل منهما ، ولذا ترى الأصحاب (رضوان الله عليهم) تارة يقولون يجب غسل الرأس مطلقا ، وتارة يقولون غسل الرأس والرقبة ، وتارة غسل الرأس ومنه الرقبة ، وتارة يصرحون بان الرأس والرقبة في الغسل عضو واحد ، الى غير ذلك من العبارات التي غرضهم منها وقصدهم مجرد كون الرقبة تغسل مع الرأس سواء كانت جزء من الرأس أو خارجة عنه ، فلا فائدة حينئذ في هذا الخلاف بعد تصريح الأصحاب بل اتفاقهم على غسلها مع الرأس. ولنعم ما قال شيخنا في بعض مؤلفاته : «ولا ثمرة في هذا الخلاف بعد الاتفاق على عدم الترتيب بينهما» انتهى وهو ـ كما ترى ـ صريح في الإجماع على غسلها مع الرأس ، ويؤيد ذلك ما صرح به بعض المحققين من علمائنا المتأخرين ، حيث قال : «ان الرأس عند الفقهاء (رضوان الله عليهم) يقال على معان : (الأول) ـ كرة الرأس التي هي منبت الشعر وهو رأس المحرم (الثاني) ـ انه عبارة عن ذلك مع الأذنين وهو رأس الصائم (الثالث) ـ انه ذلك مع الوجه وهو رأس الجناية في الشجاج (الرابع) ـ انه ذلك كله مع الرقبة وهو رأس المغتسل» انتهى كلامه زيدا كرامة ، وهو صريح في ان الرأس في الغسل عند الفقهاء عبارة عما يشمل الرقبة ، وكأنه حقيقة عرفية عندهم في ذلك. وظاهره الإجماع على ذلك