حيث قال فيها : «فإذا أردت الإحرام فاغسلي جسدك ولا تغسلي رأسك» قال : «وهو لا يشترط فيه الترتيب عندنا لعدم الدليل عليه».
أقول : ولعله ـ وان كان بعيدا ـ أقرب من الحمل على السهو والغلط ، لإيجابه القدح في الراوي المذكور بعدم التثبت في النقل الذي ربما قدح في العدالة ، مع ان الرجل المذكور من أجلاء الرواة ومعتمديهم.
ويمكن أيضا ان يقال ـ ولعله الأقرب ـ ان المأمور به منه (عليهالسلام) غير مذكور ، ولعل فعلها من غسل الجسد وترك الرأس كان خطأ منها وخلاف ما أمرت به ثم انه (عليهالسلام) أمرها بغسل رأسها وقت الركوب وتأخير غسل البدن الى وقت آخر وان لم ينقله الراوي في تتمة الكلام ، إذ لعل همه انما تعلق بنقل ما وقع من أم إسماعيل وما أنكر به (عليهالسلام) عليها.
واما الترتيب في الجسد بين يمينه ويساره بتقديم الأول على الثاني فهو المشهور بين أصحابنا بل ادعى عليه الإجماع الا ان كلام الصدوق وكذا ابن الجنيد على ما نقل عنه خال منه ، والمنقول ايضا عن ابن ابي عقيل عطف الأيسر على الأيمن بالواو كما في الاخبار
وقد اعترض ذلك المحقق في المعتبر ، حيث قال : «واعلم ان الروايات قد دلت على وجوب تقديم الرأس على الجسد ، واما اليمين على الشمال فغير صريحة بذلك ، ورواية زرارة دلت على تقديم الرأس على اليمين ، ولا تدل على تقديم اليمين على الشمال ، لان الواو لا تقتضي ترتيبا ، فإنك لو قلت : «قام زيد ثم عمرو وخالد» دل ذلك على تقديم قيام زيد على عمرو ، واما تقديم عمرو على خالد فلا ، ولكن فقهائنا اليوم بأجمعهم يفتون بتقديم اليمين على الشمال ويجعلونه شرطا في صحة الغسل ، وقد افتى بذلك الثلاثة واتباعهم» انتهى. وهو جيد وعلى حذوه جرى جملة من متأخري المتأخرين.
احتج شيخنا الشهيد الثاني في الروض على وجوب الترتيب هنا بان هذه الروايات وان دلت صريحا على تقديم الرأس على غيره لعطف اليمين عليه ب «ثم» الدالة على التعقيب