واما ما أجاب به (قدسسره) عن هذا الخبر ـ حيث قال بعد ذكر ما قدمنا نقله عنه من الاستدلال الأول : «وليس ينقض هذا الحديث الذي رواه محمد بن يعقوب ثم ساق الخبر وقال : لان معنى هذا الخبر ان يأخذ الماء من المستنقع بيده ولا ينزله بنفسه ويغتسل بصبه على بدنه ، فاما إذا نزله فسد حسبما بيناه» انتهى ـ ففيه ان التخصيص بما ذكره يحتاج الى دليل ، وما ذكره من التعليل الأول قد عرفت ما فيه فلا يصلح للتخصيص
نعم ربما يقال ان مبنى كلام الشيخين (نور الله تعالى مرقديهما) هنا على ما ذهبا اليه من المنع من استعمال الماء المستعمل في الحدث الأكبر ، كما تقدم بيانه في محله ويشير اليه تعبيرهما بالإفساد ، وحاصل مرادهما انه بعد الارتماس فيه يفسد بمعنى يمتنع استعماله في طهارة أخرى ، حيث ان حكم الجنب في اغتساله من القليل وإفساده له حكم النجس في ملاقاته للقليل وتنجيسه له كما علله في التهذيب ، لا ان المراد بإفساد الماء تنجيسه كما ذكرنا أولا ، وهو الذي عقله عنهما جمع من فضلاء المتأخرين ، ليرد عليه ما ذكرنا آنفا ، بل المراد بإفساده سلب طهوريته كما هو مذهبهما (رضياللهعنهما) لكن لا بالنسبة إلى المغتسل بمعنى انه بالارتماس يصير الماء بأول ملاقاة الجنب له بقصد الاغتسال مستعملا مسلوب الطهورية ، ليرد عليه ما ذكره شيخنا المحقق صاحب رياض المسائل ، من انهم ان أرادوا بصيرورته مستعملا بالملاقاة المذكورة انه لا يجوز استعماله بالنسبة إلى المغتسل والى غيره فهو واضح الفساد ، والا لزم عدم طهارة المغتسل ولو مرتبا لانه لا ينفك عن جريان الماء من جزء بدنه الى جزء آخر ، وان أرادوا بها انه لا يجوز استعماله بالنسبة إلى غيره فلا ينفعهم. انتهى ملخصا ، فان فيه انه لم يصرح في المقنعة بما ينافي ذلك أو ينافره ، وانما غرضه التنبيه على حكم في البين وهو ان الارتماس في الماء القليل يوجب إفساده وعدم رفع الحدث به فلا ينبغي للجنب ذلك ، وهذا معنى صحيح لا غبار عليه ولا يتوجه القدح اليه ، وفي التعبير ب «لا ينبغي» إشعار بذلك.
واما ثاني استدلالية فقد مر ما يتضح الحال به صحة وإبطالا في الفائدة الحادية