واستدل له الشيخ (رحمهالله) في التهذيب بالنسبة إلى الحكم الأول بأن الجنب حكمه حكم النجس الى ان يغتسل فمتى لاقى الماء الذي يصح فيه قبول النجاسة فسد ، وبالنسبة الى الثاني بصحيحة محمد بن إسماعيل بن بزيع (١) قال : «كتبت الى من يسأله عن الغدير يجتمع فيه ماء السماء أو يستقى فيه من بئر فيستنجي فيه الإنسان من بول أو يغتسل فيه الجنب. ما حده الذي لا يجوز؟ فكتب : لا تتوضأ من مثل هذا إلا من ضرورة إليه». ثم قال (قدسسره) قوله : «لا تتوضأ من مثل هذا إلا من ضرورة إليه» يدل على كراهة النزول فيه ، لانه لو لم يكن مكروها لما قيد الوضوء والغسل منه بحال الضرورة. انتهى.
ولا يخفى عليك ما في أول استدلاليه ، فإنه مجرد دعوى لم يقم عليها دليل ، ولم يقل بها أحد قبله ولا بعده من الأصحاب جيلا بعد جيل ، وإطلاق أخبار الارتماس شامل لما لو كان الغسل بالماء القليل ، وقد ادعى المحقق في المعتبر الإجماع على طهارة غسالة الجنب الخالي بدنه من النجاسة العينية ، وعبارة المقنعة وان أشعرت بذلك ظاهرا الا انه يمكن حملها على تلوث بدن الجنب بالنجاسة كما هو الغالب الذي انصبت عليه أخبار كيفية الغسل حسبما تقدم بيانه ، مع ان رواية محمد بن ميسر عن الصادق (عليهالسلام) (٢) قال : «سألته عن الرجل الجنب ينتهي إلى الماء القليل في الطريق ويريد ان يغتسل منه وليس معه إناء يغرف به ويداه قذرتان؟ قال : يضع يده ويتوضأ ثم يغتسل ، هذا مما قال الله تعالى : (وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ...» (٣). ـ تدل بظاهر إطلاقها على جواز الغسل وان كان ارتماسا مع إمكانه استنادا الى نفي الحرج الدال على الامتنان المناسب للتعميم.
__________________
(١) المروية في الوسائل في الباب ٩ من أبواب الماء المطلق.
(٢) المروية في الوسائل في الباب ٨ من أبواب الماء المطلق.
(٣) سورة الحج الآية ٧٨.