فاعلها ؛ لأن الضمير يرجع إلى مذكور فيلزم أن يكون لها اسم ، وإذا كان لها اسم كان لها خبر ؛ ولهذا تبيّن فساد قول من قال في قول الفرزدق (١) : [الوافر]
وجيران لنا كانوا كرام
إنّ (كان) زائدة والصحيح أنّ خبرها (لنا) و (كرام) صفة لجيران ، وإنّما لم تقع الزائدة في أوّل الكلام ؛ لأن الزائدة فرع ومؤكّد وتقدّمه يخلّ بهذا المعنى.
فصل : وإنّما أكّد خبر : (ليس) بالباء لثلاثة أوجه :
أحدها : أنّ الكلام إذا زيد فيه قوي ؛ ولهذا زيدت (من) في قولك : ما جاءني من أحد.
والثاني : أنّها بإزاء (اللام) في خبر (إنّ).
والثالث : أنّ دخول حرف الجرّ يؤذن بتعلّق الكلمة بما قبلها من فعل أو ما قام مقامه ، ولو حذفه لكان مرفوعا أو منصوبا وكلاهما قد يحذف عامله ويبقى هو بخلاف حرف الجرّ.
فصل : وإنّما اختيرت (الباء) دون غيرها لثلاثة أوجه :
أحدها : أنّ أصلها الإلصاق ، والإلصاق يوجب شدّة اتصال أحد الشيئين بالآخر.
والثاني : أنّها من حروف الشفتين فهي أقوى من اللام وغيرها من حروف الجرّ.
والثالث : أنّ حروف الجرّ كلّها توجب مع تعديتها الفعل معنى كالتبعيض والملك والتشبيه وغير ذلك والباء لا توجب أكثر من تعدية الفعل ؛ ولذلك استعملت في القسم وهو باب التوكيد.
__________________
(١) البيت كاملا :
فكيف إذا رأيت ديار قومي |
|
وجيرانن لنا كانوا كرام |
من قصيدة مطلعها :
ألستم عائجين بنا لعنّا |
|
نرى العرصات أو أثر الخيام |