فصل في إبدال الهمزة من الواو
وذلك على ضربين : جائز ولازم ، فالجائز أن تنضمّ الواو ضمّا لازما أوّلا كانت أو وسطا ؛ فإنّه يجوز قلبها همزة كقولك : في وعد أعد وفي وجوه أجوه وفي أثوب أثؤب إنّما كان كذلك ؛ لأن الواو مقدّرة بضمّتين فإذا انضمّت ضمّا لازما فكأنّه اجتمع ثلاث ضمّات وكلّ واحد منها مستثقل فهرب منها إلى ما لا يقدّر بضمتين وهو الهمزة وكانت أولى من الياء ؛ لأنها مقدّرة بكسرتين فضمّها مستثقل ولأنّ الهمزة نظيرة الواو في المخرج ؛ لأن الهمزة من أقصى الحلق والواو من آخر الفم فهي محاذّتها ، فإن قيل فهلّا كان قلبها لازما قيل لوجهين :
أحدهما : أنّ الضمّة في الواو مجانسة لطبيعتها وإن كان مستثقلا.
والثاني : أنّ الأصل في الإبدال اللازم أن يكون لعلّة ملازمة ولم يوجد.
فصل : فإن كانت الواو مكسورة نحو وعاء وسادة فقد همزها قوم ووجهه أنّ طبيعة الواو الضمّ فكسرها مخالف لطبيعتها فكأنّ الواو خالطتها الياء ، وذلك شاقّ على اللسان فعدل عنها إلى الهمزة لما ذكرنا في المضمومة.
فصل : فإن كانت مفتوحة لم تقلب همزة إلّا أن ينقل ذلك لخفّة الفتحة وأنّ الواو المفتوحة أخفّ من الهمزة ، وقد جاء قلبها همزة في ثلاثة مواضع وهي أحد في وحد كقوله تعالى : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) [الإخلاص : ١] ؛ لأنه من الوحدة فأمّا أحد المستعمل للعموم كقولك : ما جاءني من أحد فهي أصل إذ ليس معناها واحدا ومن ذلك امرأة أناة وأصلها وناة ؛ لأنها المتثنيّة في مشيتها فهي مشتقّة من الونية والتّواني ، ومن ذلك قولهم : أسماء اسم امرأة واصلها وسماء من الوسامة وهو الحسن وهذا لا يقاس عليه.
فصل : إذا وقعت الواو عينا في فاعل نحو قائل وجائر قلبت همزة وفيه أسولة :
أحدها : لم قلبت؟ والجواب : أنّها لمّا اعتلّت في قال وجار اعتلّت في قائل ؛ لأنه من فروع فعل والقلب هنا يعرف من علّة القلب في الفعل ؛ لأن الواو هنا متحرّكة وقبلها فتحة القاف والحاجز بينهما غير حصين ولأنّ الألف لاستطالتها كالحرف المفتوح وكان قياس ذلك أن تقلب ألفا إلّا أنّ قبلها ألفا فلم يجمع بين ساكنين.