باب النّونين
مسألة : لا تدخل هاتان النونان (١) على غير الأفعال ؛ لأن المراد منهما توكيد ما لم يقع ليكون حاملا على الإيقاع ولذلك اختصّا بالقسم والأمر والنهي والاستفهام وهذا لا يتحقق في غير الفعل.
مسألة : الفعل المضارع يبنى مع نون التوكيد ؛ لأنها تؤكّد فعليته فيعود إلى أصله من البناء ، وقد ذكرنا ذلك قبل بأشبع من هذا.
مسألة : إنّما فتح ما قبل هذه النون في الواحد لأمرين :
أحدهما : أنّ الضمة تدلّ على الجمع والكسرة تدلّ على التأنيث والسكون على جمع المؤنث فبقيت الفتحة للواحد.
والثاني : أنّ وقوع هذه النون في الواحد أكثر فاختير له الفتح تخفيفا.
مسألة : الحركة قبل النون بناء وقال قوم هي لالتقاء الساكنين وحجّة الأولين أنّها لو كانت لالتقاء السّاكنين لم يردّ المحذوف قبلها نحو بيعنّ وقولنّ ؛ لأن حركة التقاء الساكنين غير لازمة فيصير كقوله : (قم اللّيل ، وبع المتاع) ولمّا قلت : قومنّ وبيعنّ صحّ ما ذكرنا.
مسألة : النون الخفيفة أصل كما أن الثقيلة أصل وقال الكوفيون هي مخففة من الثقيلة.
وحجّة القول الأوّل : أنّ الثقيلة أشدّ توكيدا من الخفيفة واصل التوكيد سابق على زيادته والسابق أصل للمسبوق وتخفيفها من الأخرى يدلّ على أنّ الثقيلة أصل فهي بأن تكون فرعا على الخفيفة أولى من العكس ولأنّ التخفيف تصرّف والحروف تبعد عنه.
مسألة : لا تدخل النون الخفيفة على فعل الاثنين وجماعة النسوة وقال يونس والكوفيون يجوز.
__________________
(١) إذا كان المضارع مبنيا لاتصاله بإحدى النونين وسبقه ناصب أو جازم وجب أن يكون مبنيّا فى محل نصب أو جزم ، أى أنه يكون مبنيا فى اللفظ ، معربا فى المحل. ولهذا أثر إعرابىّ يجب مراعاته. ففى التوابع ـ مثلا ـ كالعطف ، إذا عطف مضارع على المضارع المبنى المسبوق بناصب أو جازم وجب فى المضارع المعطوف أن يتبع محل المعطوف عليه فى النصب أو الجزم. وكذلك المضارع المبنى إن كان معطوفا عليه ؛ فإنه يكون مبنيّا فى محل رفع ـ فى الرأى المشهور.