وأمّا اضطرب فالوجه في قلبها طاء أنّها أقرب إلى بقيّة حروف الإطباق ؛ لأن الضّاد تليها والطاء بعيدة منها فكان تحويل الطّاء لقربها منها ومجانستها لها وكذلك من قلبها طاء وأدغم ، وأمّا ببيت زهير : [البسيط]
ويظلم أحيانا فيظّلم
فيروى الأوجه الثلاثة وبالنّون أيضا.
فصل في إبدال الدّال
قد أبدلت من تاء افتعل إذا كانت الفاء دالا أو زايا ، وعلّة ذلك : أنّ هذه الحروف فيها صفير وجهر وشدّة والتاء مهموسة رخوة ، فإذا سكّن الحرف القويّ وبعده ضعيف كان في إخراج القويّ بصفته وسكونه وإتباع الضعيف إيّاه بلا فصل كلفة شديدة فأبدل من التّاء حرف يقرب منها في المخرج ويقرب من الحرف الآخر في الصّفة ، وذلك هو الدّال فإنّها من مخرج التّاء فالدّال في قولك : درأ ادّرأ ، وأصله : ادترأ فقلبت التاء دالا وأدغمت الأولى فيها وأتيت بهمزة الوصل لسكون الدال الأولى بسبب الإدغام ، ولا يجوز قلب الدّال هنا تاء وترك تاء الافتعال لئلا تبطل القوّة التي في الدّال.
وأمّا الذال فكقولك من ذرأ : اذّرأ ، والأصل : اذترأ فقلبت التّاء دالا والذال دالا ؛ لأنها قربت منها وفعل فيهما ما تقدّم.
وإن شئت قلبت التّاء ذالا لتجانس الذال تقول : اذّرأ ، وأمّا افتعل من الذّكر فأصله اذتكر فحوّلت التّاء إلى الدّال والذال إلى الدّال ، وأتيت بهمزة الوصل لما تقدّم وإن شئت حوّلت الثاني إلى الأول فجعلتهما ذالا مشدّدة والأوّل أقوى.
وأمّا الزّاي فكقولك من زجر وزان ازدجر وازدان ، والأصل التّاء فحوّلت إلى الدّال لما تقدّم ، ولو قلبت التاء زايا وأدغمت جاز فقلت ازّجر ومثله ازّان والأوّل أقوى ولا يجوز قلب الزّاي تاء لئلا يبطل ما في الزّاي من زيادة الصفات على التّاء.
مسألة : قالوا في تولح دولج فأبدلوا من التّاء دالا لمّا كثر إبدالها منها في المواضع التي ذكرنا ويضعف أن يكونوا أبدلوا الواو ابتداء دالا لبعدها منها.