باب الاستثناء
وهو استفعال من : (ثنيت عليه) أي : عطفت والتفت ؛ لأن المخرج لبعض الجملة منها عاطف عليها باقتطاع بعضها عن الحكم المذكور وحده أنّه إخراج بعض من كل ب (إلا) أو ما قام مقامها ، وقيل : هو إخراج ما لو لا إخراجه لتناوله الحكم المذكور.
فصل : وأصل أدوات الاستثناء (إلا) لوجهين :
أحدهما : أنّها حرف ، والموضوع لأفادة المعاني الحروف كالنفي والاستفهام والنداء.
والثاني : أنّها تقع في جميع أبواب الاستثناء للاستثناء فقط وغيرها يقع في أمكنة مخصوصة منها ويستعمل في أبواب أخر.
فصل : والمستثنى من موجب ب (إلا) منصوب بالفعل المقدم وما في معناه بواسطة (إلا) ، وروي عن الزّجاج أنّ نصبه ب (إلا) ؛ لأنها في معنى أستثني.
وقال الكوفيون : (إلا) مركّبة من : (إنّ) و (لا) ؛ فإذا نصبت كان ب (إنّ) ، وإذا رفعت كان ب (لا).
وحجة الأوّلين : أنّ الفعل هو الأصل في العمل إلا أنّ الفعل هنا لا يصل إلى المستثنى بنفسه وب (إلا) وصل إليه فصار كواو (مع) وكحروف الجر ، ويدلّ عليه أنّ (غيرا) في الاستثناء منصوبة بالفعل من غير واسطة لّما كانت مبهمة كالظرف واتّصل الفعل بها بنفسه ، وليس ثمّ ما يصح عمله فيها إلا الفعل ، وأمّا الزّجاج فيبطل مذهبه من أوجه :
أحدها : ما ذكرناه من (غير) ولا يصح معها تقدير : (أسنتني) ؛ لأنه يصير (زيد) داخلا في حكم الأول وغيره مخرجا منه ، وهذا معنى فاسد.
والثاني : أن إعمال الحروف بمعانيها غير مطرد ألا ترى أن (ما) النافية وهمزة الاستفهام وغيرهما لا تعمل بمعانيها ، وكذلك إلا.
والثالث : أنه ليس تقدير : (إلا) ب (أستثني) أولى من تقديرها ب (تخلّف) أو (امتنع) ونحوهما مما يرفع.
والرابع : أن المستثنى يرفع في مواضع مع وجود (إلا) في الجميع ، فلو قدرت ب (استثني) لما جاز إلا النصب.