باب ما لم يسمّ فاعله
إنّما حذف الفاعل لخمسة أوجه (١) :
أحدها : ألا يكون للمتكلمّ في ذكره غرض.
والثاني : أن يترك ذكره تعظيما له واحتقارا.
والثالث : أن يكون المخاطب قد عرفه.
والرابع : أن يخاف عليه من ذكره.
والخامس : ألا يكون المتكلّم يعرفه.
فصل : وإنّما غيّر لفظ الفعل ليدلّ تغييره على حذف الفاعل ، وإنّما ضمّ أوّله وكّسر ما قبل آخره في الماضي وفتح المستقبل لوجهين :
أحدهما : أنّه خصّ بصيغة لا يكون مثلها في الأسماء ولا في الأفعال التي سميّي فاعلها لئلّا يلتبس.
فإن قلت : كان يجب أن يكسر أوّله ويضّم ما قبل آخره إذ لا نظير له؟
قيل : الخروج من كسر إلى ضمّ مستثقل جدّا بخلاف الخروج من ضمّ إلى كسر ، فأمّا : (دئل) فلا يعتدّ به لقلّته وشذوذه ، وإنّما فتح قبل الأخير في المستقبل لئلّا يلتبس بما سمّي فاعله.
والوجه الثاني : أنّهم ضمّوه عوضا من ضمّ الفاعل المحذوف وهذا ضعيف لوجهين :
__________________
(١) قال ابن هشام : نائب الفاعل وهو الذي يعبرون عنه بمفعول ما لم يسمّ فاعله والعبارة الأولى أولى لوجهين احدهما أن النائب عن الفاعل يكون مفعولا وغيره كما سيأتي والثاني أن المنصوب في قولك أعطي زيد دينارا يصدق عليه أنه مفعول للفعل الذي لم يسمّ فاعله وليس مقصودا لهم ومعنى قولي أقيم هو مقامه أنه أقيم مقامه في إسناد الفعل إليه ، ثم قال : الفعل يجب تغييره الى فعل أو يفعل ولا أريد بذلك هذين الوزنين فإن ذلك لا يتأتّى الا في الفعل الثلاثي وانما أريد أنه يضمّ أوّله مطلقا ويكسر ما قبل آخره في الماضي ويفتح في المضارع ثم بعد ذلك يقام المفعول به مقام الفاعل فيعطى أحكامه كلها فيصير مرفوعا بعد أن كان منصوبا وعمدة بعد أن كان فضلة وواجب التأخير عن الفعل بعد أن كان جائز التقديم عليه ، والمفعول به عند المحققين مقدّم في النيابة على غيره وجوبا لأنه قد يكون فاعلا في المعنى كقولك أعطيت زيدا دينارا ألا ترى أنه آخذ وأوضح من هذا ضارب زيد عمرا لأن الفعل صادر من زيد وعمرو.