باب الأفعال
قد ذكرنا في أول الكتاب حدّ الفعل وعلاماته وذكرنا في باب المصدر أنّه مشتقّ من المصدر وبقي الكلام في أقسامه وأحكامه.
فصل : وأقسام الأفعال ثلاثة ماض (١) وحاضر ومستقبل. وأنكر قوم فعل الحال.
وحجّة الأولين : أنّ الفعل اشتقّ من المصدر ليدلّ على الزمان فينبغي أن ينقسم بحسب انقسامه ولا أحد ينكر زمن الحال وهو الآن فكذلك الفعل الدالّ عليه فهو واسطة بين الماضي والمستقبل ؛ ولذلك قال تعالى : (لَهُ ما بَيْنَ أَيْدِينا وَما خَلْفَنا وَما بَيْنَ ذلِكَ) [مريم : ٦٤] قالوا :
أراد الأزمنة الثلاثة.
ومنه قول زهير : [الطويل]
وأعلم علم اليوم والأمس قبله |
|
ولكنّني عن علم ما في غد عمي |
واحتجّ الآخرون بأن ما وجد من أجزاء الفعل صار ماضيا وما لم يوجد فهو مستقبل وليس بينهما واسطة.
والجواب : أنّ النّحويين يريدون بفعل الحال فعلا ذا أجزاء يتّصل بعضها ببعض كالصلاة والأكل ونحوهما وهذا يعقل فيه الحال قسما ثالثا ؛ لأنه يشار إليه وهو متشاغل به ولم يقضه ويفرّق بين حاله الآن وحاله قبل الشّروع وبعد الفراغ.
__________________
(١) يبنى الماضي على الفتح ، وهو الأصل في بنائه ، نحو «كتب». فإن كان معتلّ الآخر بالألف ، كرمى ، ودعا ، بني على فتح مقدّر على آخره. فإن اتصلت به تاء التأنيث ، حذف آخره ، لاجتماع الساكنين الألف والتاء ، نحو «ردت ودعت» والأصل «رمات ودعات». ويكون بناؤه على فتح مقدّر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين.
وليست حركة ما قبل تاء التأنيث هنا حركة بناء الماضي على الفتح ، لأن حركة البناء ـ كحركة الإعراب ـ لا تكون إلا على الأحرف الأخيرة من الكلمة والحرف الأخير هنا محذوف كما رأيت).
وإن كان معتل الآخر بالواو أو الياء ، فهو كالصحيح الآخر ـ مبني على فتح ظاهر كسروت ورضيت.
ويبنى على الضم إن اتصلت به واو الجماعة ، لأنها حرف مد وهو يقتضي أن يكون قبله حركة تجانسه ، فيبنى على الضم لمناسبة الواو نحو «كتبوا» ..