باب المفعول به
قد ذكرنا في باب الفاعل علّة انتصاب المفعول ، والكلام في هذا الباب في أقسام الفعل في اللزوم والتعدّي ، وهو على ضربين : لازم ومتعدّ.
فاللازم : ما لا يفتقر بعد فاعله إلى محلّ مخصوص يحفظه كقولك : قام وجلس وأحمرّ وتدحرج ، فإن اتّصل به جارّ ومجرور كقولك : (جلست إليه) كان الجارّ والمجرور في موضع نصب كأنّك قلت : أتيته وعاشرته ، ونحو ذلك.
وأمّا المتعّدي : فما افتقر بعد فاعله إلى محلّ مخصوص يحفظه ، وذلك على ثلاثة أضرب :
أحدها : لم تستعمله العرب إلا بحرف جرّ كقولك : مررت بزيد ف (مررت) يفتقر إلى ممرور به ولكن لم يستعمل إلا بالباء ، وكذلك عجبت من زيد فإن جاء في الشعر شيء بغير حرف فضرورة.
والضرب الثاني : يستعمل بحرف جرّ تارة وبغير حرف جرّ أخرى ، وكلّ ذلك اختيار كقولك : نصحت لك ونصحتك ، ففي الموضع الذي استعمل بغير حرف لا يقال حذف الحرف منه ؛ لأن حذف حرف الجرّ ليس بقياس ، وفي الموضع الذي ذكر لا يقال هو زايد ؛ لأن زيادة الجارّ ليست بقياس أيضا ، وإذا جاء الأمران في الاختيار دلّ على أنّهما لغتان.
والضرب الثالث : ما يتعدى بنفسه وهو على ثلاثة أضرب ؛ أحدها : يتعدى إلى واحد ك (ضربت زيدا) ونحوه من أفعال العلاج ، وك (أبصرت زيدا) وغيره من أفعال الحواس.
فأمّا : (سمعت) فالقياس أن يتعدّى إلى واحد ممّا يسمع كقولك : سمعت قولك وصوتك. فأمّا قولهم : سمعنا زيدا يقول ذلك ف (زيد) هنا لّما كان هو القائل واتّصل به ما يدل على المسموع جعل مفعولا أوّل و (يقول) في موضع المفعول الثاني ؛ لأن القول والقائل متلازمان فأمّا قوله تعالى : (هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ) [الشعراء : ٧٢] ففيه قولان :
أحدهما : أنّ التقدير هل يسمعون دعاءكم كما قال في الأخرى : (لا يَسْمَعُوا دُعاءَكُمْ) [فاطر : ١٤] والآخر أنّ المفعول الثاني محذوف أي يسمعونكم إذ تدعون.
والضرب الثاني : متعدّ إلى مفعولين فمنه : (ظننت وأخواتها) ، وقد ذكرت.