باب عمل اسم الفاعل
إنّما أعمل اسم الفاعل إذا كان للحال أو الاستقبال لوجهين :
أحدهما : أنّه جار على الفعل المضارع في حركاته وسكناته في الأغلب ف (ضارب) على زنة : (يضرب) ، و (يكرم) على زنة : (مكرم) ، فأمّا : (مضروب) فكان قياسه : (مضرب) ؛ لأنه على زنة : (يضرب) ولكنّهم زادوا (الواو) لينفصل الثلاثي من الرباعيّ ، وفتحوا (الميم) لثقل الضمّة مع الواو ، وأمّا (فعل وفعيل) فسيأتي الكلام عليهما.
والثاني : أنّ الأصل في الأسماء ألا تعمل ، كما أنّ الأصل في الأفعال ألا تعرب ، إلا أنّ المضارع أعرب لمشابهة اسم الفاعل فينبغي ألا يعمل اسم الفاعل إلا ما أشبه منه المضارع في الحال والاستقبال.
فصل : فأمّا اسم الفاعل إذا كان للمضيء فلا يعمل ، ومن الكوفيّين من يعمله.
وحجّة الأوّلين في ذلك : أنّ الماضي لا يشبه اسم الفاعل ، ولا اسم الفاعل يشبهه ، فلم تحمل علته في العمل كما لم يحمل الماضي على الاسم في الإعراب.
واحتجّ الآخرون بقوله تعالى : (وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ) [الكهف : ١٨] وبقوله تعالى : (فالِقُ الْإِصْباحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْباناً) [الأنعام : ٩٦] فنصب المعطوف وبقولهم هذا معطي زيد درهما أمس ولا ناصب للدرهم إلا الاسم.
والجواب : أمّا الآية الأولى فحكاية حال كما يحكى الماضي بلفظ المضارع مثل قولك :
مررت بزيد أمس يكتب ، وأمّا الآية الثانية ففيها جوابان :
أحدهما : أنّه على الحكاية أيضا ؛ لأنه سبحانه وتعالى في كلّ يوم يفلق الإصباح ويجعل الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا.
والثاني : أنّ الشمس والقمر ينتصبان بفعل محذوف ، أي : وجعل الشمس ، وهكذا يقدّر في المسألة المستشهد بها ، أي : أعطاه درهما.