باب زيادة النون
قد ذكرنا أنّ النون من حروف الزيادة لشبهها بالواو ، وقد زيدت أولا للمضارعة (١) نحو : نذهب ، وتدلّ على المتكلّم ومن معه اثنين كانوا أو جماعة وتكون للواحد العظيم ؛ لأن الآمر إذا كان مطاعا توبع على الفعل وتزاد ثانية نحو : انطلق ، وبابها أن تجيء للمطاوعة كقطعته فانقطع وأطلقته فانطلق ومعنى المطاوعة قبول المحلّ لأثر فعل الفاعل فيه فالانفعال اسم لذلك الأثر وممّا زيدت فيه ثانية عنسل للنّاقة السريعة ؛ لأنه من العسلان وهو مشي الذئب ؛ لأنه سريع ومن ذلك عنبس للأسد وهو من العبوس والأسد كريه الوجه ومن ذلك خنفقيق ؛ لأنه من الخفق ، وهو الاضطراب والقاف لام الكلمة مكررة فأمّا سنبك فقيل النون فيه زائدة وهو من السّبك ، وقيل : لطرف الحافر ذلك لصلابته كأنه سبك ، وأمّا النون في سنبل فقال ابن دريد هي زائدة وهو من السّبل والإسبال وهو من الاستطالة فكأنّ السّنبلة لسبوغها وانتشار أعلاها مسبلة كالإزار.
فصل : وقد زيدت ثانية في كنهبل ؛ لأنها لو جعلت أصلا لم يكن لها نظير في الأصول إذ ليس في الأصول مثل سفرجل ؛ ولذلك تحذفها في الجمع نحو : كهابل وكذلك النون في قرنفل والنون في شرنبث زائدة لوجهين :
أحدهما : أنّها ثالثة وقبلها حرفان وبعدها حرفان وما كان كذلك حكم بزيادتها فيه ؛ لأنه موضع تكثر فيه الزيادات كألف التكسير وياء التحقير والياء في سميدع والواو في فدوكس.
والثاني : قولهم في معناه : شرابث ومثل ذلك جحافل ويؤكد زيادتها فيه أنّه من معنى الجحفلة والجحفل ، وأمّا النّون إذا كانت زائدة ساكنة ولم تخرج الكلمة بها عن الأصول فهي أصل إلّا أن يدلّ الاشتقاق على زيادتها ، وذلك نحو : حنزقر النون فيه أصل لما ذكرنا ، وعلّة ذلك أنّ الثاني لم تكثر زيادته ككثرة زيادة الثالث ، وممّا دلّ الاشتقاق على زيادته من هذا عنسل وعنبس ، وقد ذكرا ومنه : قنفخر النون فيه زائدة لقولهم في معناه قفاخريّة والنّون في عرنتن زائدة لقولهم في معناه عرتن ومثله دودم ودوادم فالألف فيه كالنون في عرنتن ؛ لأنها سقطت
__________________
(١) أي للدلالة على الفعل المضارع.