باب التثنية والجمع
أصل التثنية العطف من قولك : ثنيت العود إذا عطفته ، وكان الأصل أن يعطف اسم على اسم ، وقد جاء من ذلك في الشعر كثير لكنهم اكتفوا باسم واحد وحرف وجعلوه عوضا من الأسماء المعطوفة اختصارا.
فصل : وإنّما زادوا الحرف دون الحركة لوجهين :
أحدهما : أنّ الحركة كانت في آخر الواحد إعرابا ، فلو أبقوها لم يكن على التثنية دليل.
والثاني : أنّ الاسم المعطوف مساو للمعطوف عليه فكما كان الأوّل حروفا كان الدليل عليه حرفا.
فصل : وإنّما لم تثنّ الأفعال الخمسة (١) أوجه :
أحدها : أن لفظ الفعل جنس يقع بلفظه على كل أنواعه ، والغرض من التثنية تعدّد المسمّيات والجنس لا تعدّد فيه.
والثاني : أنّ الفعل وضع دليلا على الحدث والزمان ، فلو ثنّي لدلّ على حدثين وزمانين وهذا محال.
والثالث : أنّ الفعل لا بدّ له من فاعل فيكون جملة وتثنية الجمل محال ؛ ولهذا لا يثنّى لفظ : (تأبّط شرا) و (ذرّى حبّا).
والرابع : أن الفعل لو ثنيّ لكنت تقول في رجل واحد قام مرتين أو مرارا : (قاما زيد) أو : (قاموا زيد) وهذا محال.
والخامس : أنّ التثنية عطف في الأصل استغني فيها بالحروف عن المعطوف فيفضي ذلك إلى أنّ يقوم حرف التثنية مقام الفعل والفاعل ، وذلك الفعل دالّ على حدث وزمان ، وليس في لفظ حرف التثنية دلالة على أكثر من الكّميّة.
__________________
(١) هي كلّ فعل مضارع اتصل به ألف اثنين مثل «يفعلان تفعلان» أو واو جمع مثل «يفعلون تفعلون» أو ياء المخاطبة مثل : «تفعلين» ، ترفع الأفعال الخمسة بثبوت النّون نحو «العلماء يترفّعون عن الدّنايا».
وتنصب وتجزم بحذفها نحو قوله تعالى : (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا) (الآية «٢٤» من سورة البقرة) فالأول جازم ومجزوم ، والثاني ناصب ومنصوب.