فصل في إبدال الواو
وقد أبدلت من الياء والألف والهمزة :
١ ـ أمّا الياء فإذا سكّنت وانضمّ ما قبلها أبدلت واوا نحو : موقن وموسر والأصل فيه الياء ؛ لأنه من اليقين واليسر فإن تحرّكت لم تبدل نحو مييقن ومياسر وإنّما أبدلت إذا سكّنت ؛ لأنها ضعفت بالسّكون ووقوعها بعد الضمّة فتخليصها عنها يشقّ على اللسان جدا فأبدلت واوا لمجانستها الضمّة ومن ذلك الطّوبى والكوسى ؛ لأنّهما من الطّيب والكيس وهما نظير الرّيح والقيل.
٢ ـ وأمّا إبدال الواو من الألف فنحو قولك في ضارب : ضويرب ، وفي ضاربة :
ضوارب ، وإنّما أبدلت في التّصغير لانضمام ما قبلها والألف لا تقع بعد الضمّة كما لا تقع بعد الكسرة وأبدلت واوا لتجانس الضمّة قبلها ثم حمل حالها في الجمع على التّصغير ؛ لأن التكسير والتصغير من واد واحد ولأنك لو أبدلتها ياء فقلت : ضيارب لا لتبس بجمع ضيرب وبابه.
فإن قلت : فلم أبدلتها؟ قيل : لمّا زيد في الجمع ألف لم يمكن إقرار ألف فاعل لسكونهما وحذف إحداهما يخلّ بمعناه فأبدلت لهذا المعنى ، ومن ذلك ألف فاعل إذا بني لمّا لم يسمّ فاعله نحو ضورب في ضارب وتمودّ الثوب في تمادّوا ومنه قوله تعالى : (ما وُورِيَ عَنْهُما) [الأعراف : ٢٠].
٣ ـ وأمّا إبدالها من الهمزة ، فإذا سكّنت الهمزة وانضمّ ما قبلها كقولك في بؤس ولؤم :
بوس ولوم.
فصل في إبدال الميم
قد أبدلت من النّون الساكنة إذا وقعت قبل الباء نحو : عنبر وشنباء هي في اللفظ ميم وفي الخطّ نون.
والعلّة في ذلك : أنّ الميم فيها غنّة تتّصل بالخيشوم إذا سكّنت كالنون إذا سكّنت ، فإذا وقعت النون قبل الباء اتّصلت غنّتها لمخرج الباء فيشقّ إخراجها ساكنة بلفظها فجعلت الميم