باب (قط) (١)
أمّا المخففة فبمعنى حسب وبنيت ؛ لأنها وقعت موقع المبنيّ وهو فعل الأمر مثل صه ومه وسكّنت على الأصل ومثلها قد بمعنى حسب ولا تنوّن في المعرفة وتنوّن في النكرة ، فإذا أدخلتهما على ياء المتكلم قلت : قطي وقدي فلم تلحق النون ؛ لأنّهما اسمان ومن العرب من يلحق النون فيقول قطني وقدني لتسلم السكون.
فصل : فأمّا قط المشدّدة فمعناها ما مضى من الزمان دون المستقبل وبنيت لوجهين :
أحدهما : أنّها أشبهت الفعل الماضي إذ كانت لا تكون إلّا له.
والثاني : أنها تضمنت معنى في ؛ لأن حكم الظرف أن تحسن فيه في ولمّا لم تحسن ها هنا كان الظرف متضمنا لها ، وقيل : تضمنت معنى منذ التي تقدر بها المدة أو ابتداء المدة ؛ لأن قولك : ما رأيته قطّ أي منذ خلقت وإلى الآن.
فصل : وحرّكت لئلا يجتمع ساكنان وضمّت ؛ لأنها أشبهت منذ ، وقيل : قوّيت بالضمّ إذ كانت نائبة عن منذ وما بعدها.
فصل : وإذا حذفت المضاف إليه مع فوق وتحت وعل بنيت الباقي على الضمّ للعلّة التي ذكرناها في قبل.
فصل : واين مبنية لتضمّنها معنى حرف الاستفهام والشّرط وحرّك آخرها لئلا يلتقي ساكنان وفتح ولم يكسر على الأصل فرارا من اجتماع الياء والكسرة مع كثرة الاستعمال.
فصل : وكيف مبنية مثل أين وهي اسم والدليل على ذلك السّماع والقياس فالسماع قول بعض العرب على كيف تبيع الأحمرين.
وقال الآخر : انظر إلى كيف تصنع وهذا شاذّ الاستعمال والحكاية الثانية شاذّة القياس أيضا ؛ لأن كيف استفهام والاستفهام لا يعمل فيه ما قبله إلّا حرف الجرّ إذا تعلّق بما بعده وها هنا قد تعلّق بما قبله ، وأمّا القياس فمن ثلاثة أوجه :
__________________
(١) هذا النوع ما يلازم النصب على الظرفيّة ابدا ، فلا يستعمل إلا ظرفا منصوبا ، نحو «قط وعوض وبينا وبينما وإذا وأيّان وأنّى وذا صباح وذات ليلة». ومنه ما ركّب من الظروف كصباح مساء وليل ليل.
النوع الثاني ما يلزم النصب على الظرفيّة أو الجرّ بمن أو إلى أو حتى أو مذ أو منذ ، نحو «قبل وبعد وفوق وتحت ولدى ولدن وعند ومتى وأين وهنا وثمّ وحيث والآن».