إبدال التاء من الياء
وهو قليل لبعد مخرج الياء منها إلّا أنّ بينهما مشابهة من وجهين :
أحدهما : أنّ في التاء همسا وفي الياء خفاء والمعنيان متقاربان.
والثاني : أنّ التّاء تشبه الواو من الوجه الذي ذكرنا قبل وبين الياء والواو مشابهة في المدّ والاعتلال وقلب كلّ واحدة منهما إلى الأخرى ومرادفتها إيّاها في أرداف الأبيات ، نحو : سرحوت وتكريت ، وبين أختيهما وهما الضمّة والكسرة تقارب بحيث جاز وقوعهما في الإقواء في القصيدة الواحدة.
فمن ذلك : (ثنتان) والأصل ثنيان ؛ لأنه من ثنيت وليس له واحد من لفظه وتقول هذا ثني هذا.
ومن هذا : (ذيت وكيت) والأصل : ذيّة وكيّة بتشديد الياء والهاء المبدلة من التاء في الوقف فأبدلوا من الياء الثانية تاء ثانية وصلا ووقفا والكلمتان مبنيّتان على الفتح ؛ لأنّهما كنايتان عن الحديث المتّصل بعضه ببعض تقول كان من الأمر كيت وكيت كما تقول : كان من الأمر كذا وكذا إبدال التّاء من السّين. وهو ضعيف ، وقد جاء منه شيء قليل ووجهه أنّ التّاء تشارك السين في الهمس وقرب المخرج فمن ذلك طست والأصل طسّ لقولهم في تصغيره : طسيس وفي الجمع طساس وقالوا : أطسّة.
وقد أبدلت منها في (ستّ) والأصل : سدس لقولهم : سديسة وسديس وأسداس ثم أبدلت الدّال تاء لقربها منها في المخرج وأنّها هنا ساكنة يعسر النّطق بها قبل التّاء فإذا فصلت بينهما عدت إلى الأصل.
وقالوا : نات في ناس ، وأكيات في أكياس قال الشاعر : [الرجز]
يا قاتل الله بني السّعلاة |
|
عمرو بن يربوع شرار النّات |
غير أعفّاء ولا أكيات |
يريد الناس ولا أكياس ، وحكى الأصمعيّ عن بعض العرب أنّه قرأ : (قل أعوذ بربّ النّات) في جميعها بالتّاء.