فصل في حذف الواو
قد حذفت فاء نحو يعد وعد وعدة ، وقد ذكر وحذفت عينا فقالوا لوسط الحوض ثبة وأصلها ثوبة من ثاب يثوب ؛ لأن الماء يثوب إلى ذلك الموضع أي يرجع ومنه الثّواب والإثابة والمثابة فأمّا الثّبة بمعنى الجماعة فالمحذوف منها لامها وهي واو لقولهم تثبّينا أي اجتمعنا وليس دليلا على كونها ياء ؛ لأنها قد وقعت رابعة ويدلّ على أنّها واو أنّ الأكثر في هذا الباب حذف الواو ، وقد حذفت حذفا صالحا قالوا أب والأصل أبو لرجوع الواو في التثنية والجمع والفعل قالوا : ماله أب يأبوه ، وقالوا : أبوان وآباء ، والأصل في ابن بنو لقولهم البنوّة ولم يسمع في شيء من اشتقاقه الياء وليس كذلك الفتى لأنّهم قد قالوا الفتيان فلذلك لم تدلّ الفتوّة على الواو.
وقيل : أصله بنيّ ؛ لأنه من بنى يبني فكأنّ الابن من بناء الأب لكونه متولّدا عنه.
وقالوا : (أخ) فحذفوا الواو لقولهم : أخوان والإخوة والإخوان.
والأصل في هن : هنو لقولهم : هنوات.
فأمّا (ذو) فأصلها ذوي ؛ لأن باب طويت وشويت أكثر من باب قوّة وحوّة فالمحذوف منها الياء.
فأمّا (حمء) فالأكثر أنّه من الواو لقولهم حموان وفيه لغة أخرى حم مثل : غد ، والأصل :
غدوّ ، لقولهم : غدا يغدو ، وقد جاء تامّا.
وقالوا : (قلة) والأصل الواو لقولهم : قلوت بالقلة وهي عصيّة يلعب بها الصّبيان.
وقالوا : (ظبة) والأصل الواو.
فأمّا كرة ففيها قولان :
أحدهما : المحذوف منها اللام وهي واو لقولهم : كروت بالكرة ، وفي شعر المسيّب بن علس (١) : [الكامل]
... كأنّما |
|
تكرو بكفّي لاعب في صاع |
__________________
(١) المسيب بن علس : (١٠٠ ـ ٤٨ ق. ه / ٥٢٥ ـ ٥٧٥ م) هو المسيب بن مالك بن عمرو بن قمامة ، من ربيعة بن نزار. شاعر جاهلي ، كان أحد المقلّين المفضلين في الجاهلية. وهو خال الأعشى ميمون وكان الأعشى راويته. وقيل اسمه زهير ، وكنيته أبو فضة. له ديوان شعر شرحه الآمدي.