باب ما يمتحن فيه من الأبنية
اعلم أنّ التصريفيين ذكروا من هذا الفنّ أمثلة كثيرة قصدوا بها إثبات علم التّصريف في الأذهان بالرّياضة والعمل ، وذلك أدعى إلى ترسّخ هذا العلم في القلب كما أنّ الحاسب لا يحكم علم الحساب إلّا عمل وتدرّب على العمل ، والأصل في ذلك أنّك إذا قلت : ابن من كذا مثل كذا معناه أن تأخذ الحروف الأصول من الكلمة المطلوب بناؤها فتقابل بها الفاء والعين واللام ثم تغيّر الكلمة المذكورة بالحركة أو السّكون أو الزيادة ما تماثل به الكلمة المطلوب مماثلتها وما كان فيها من زيادة تأتي به في المثال بعينها.
فصل : ولا يبنى من الشّيء مثله من كلّ وجه فلو قال : ابن من غزا مثل ضرب لم يجز ؛ لأن مثال غزا ضرب فهو مبنيّ على مثاله قبل سؤاله ، ويجوز أن يبنى من الثلاثيّ ثلاثيا يخالفه في شيء ما ، ومن الثّلاثي رباعيا وخماسيا وتكرّر فيه ما تكرّر في المطلوب مثاله ولا يبنى من رباعيّ ولا خماسيّ أقلّ منه ؛ لأن ذلك نقض لا بناء وسنذكر على ذلك أمثلة تكشف المقصود إن شاء الله تعالى.
مسألة (١) : إذا قيل : ابن من ضرب مثل علم أو ظرف أو كلّم ، قلت : ضرب وضرب وضرّب فإن قال : ابن منه مثل دحرج قلت : ضربب فكررت الباء ؛ لأنها لام الكلمة كما أنّ دحرج مكرّر اللّام ، فإن بنيت منه مثل درهم قلت : ضربب فجعلت حركات البناء وسكناته مثل حركات درهم وسكناته وإن بنيت منه مثل سبطر قلت : ضربّ ومثل زبرج ضرب ومثل جخدب ضربب فأمّا جخدب بفتح الدال ، فعلى الخلاف يجوز عند الأخفش أن تقول : ضربب ولا وجود لهذا المثال عند سيبويه ، وإن بنيت منه مثل سفرجل قلت : ضربب هذا تسوق بقية الأمثلة.
وتقول في مثال : جوهر وصيرف وحاتم ضروب وضيرب وضارب ، وهكذا في جميع الزّيادات تأتي بها بعينها إلّا أن يمنع من ذلك مانع مثاله إذا قيل ابن من ضرب مثل عنسل لم تقل ضنرب ؛ لأن النّون الساكنة تدغم في الرّاء لقربها منها في المخرج ، وإذا أدغمتها لم يكن
__________________
(١) للماضي من الأفعال خمسة وثلاثون وزنا. ثلاثة منها للثّلاثيّ المجرّد ، واثنا عشر للثلاثيّ المزيد فيه ، وواحد للرباعي المجرّد ، وسبعة للملحق به ، وثلاثة للرباعي المزيد فيه ، وتسعة للملحق به.