باب الاسم الصحيح
فصل : الصحيح (١) والمعتلّ في الأسماء من صفات الأسماء المعربة المفردة ، وما كان في حكمها من جمع التكسير ولا يقال في : (حيث وأين وأمس) هي أسماء صحيحة ، ولا في : (إذا ومتى) معتلّ ؛ لأن حدّ الاسم الصحيح هو الذي يتعاقب على الحرف الأخير منه حركات الإعراب الثلاث وهو أولى من قولك : الصحيح ما لم يكن حرف إعرابه ألفا ولا ياء قبلها كسرة ؛ لأن المثنّى قد يكون بهذه الصفة ولا يسمّى صحيحا ولأنّ الحدّ الأوّل إثبات محض ، والثاني نفي ، والحدّ الحقيقي لا يكون نفيا ؛ لأن الحدّ الحقيقيّ ما أبان عن حقيقة المحدود والنفي لا يبين عن حقيقة المحدود.
فصل : وفي اشتقاق الصرف (٢) هنا وجهان :
__________________
(١) الصحيح : ما خلت أصوله من أحرف العلّة التي هي «الواو والألف والياء».
(٢) الصرف : هو التنوين وحده ، وقال آخرون : هو التنوين والجر.
حجة الأولين من ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه معنى ينبئ عنه الاشتقاق فلم يدخل فيه ما لا يدل عليه الاشتقاق كسائر أمثاله.
وبيانه : أن الصرف في اللغة هو الصوت الضعيف كقولهم : صرب ناب البعير وصرفت البكرة ومنه صريف القلم. والنون الساكنة في آخر الكلمة صوت ضعيف فيه غنة كغنة الاشياء التي ذكرنا.
وأما الجر فليس صوته مشبها لما ذكرنا لانه حركة فلم يكون صرفا كسائر الحركات ألا ترى أن الضمة والفتحة في آخر الكلمة حركة ولا تسمى صرفا.
والوجه الثاني : وهو أن الشاعر إذا اضطر إلى صرف ما لا ينصرف جر في موضع الجر ولو كان الجر من الصرف لما أتي به من غير ضرورة إليه وذلك أن التنوين دعت الضرورة إليه لإقامة الوزن والوزن يقوم به سواء كسر ما قبله أو فتح فلما كسر حين نون علم أنه ليس من الصرف لأن المانع من الصرف قائم وموضع المخالفة لهذا المانع الحاجة إلى إقامة الوزن فيجب أن يختص به.
الوجه الثالث : أن ما فيه الألف واللام لو أضيف لكسر في موضع الجر مع وجود المانع من الصرف وذلك يدل على أن الجر سقط تبعا لسقوط التنوين بسبب مشابهة الاسم الفعل والتنوين سقط لعلة أخرى فينبغي أن يظهر الكسر الذي هو تبع لزوال ما كان سقوطه تابعا له.
واحتج الآخرون من وجهين : أحدهما : أن الصرف من التصرف وهو التقلب في الجهات وبالجر يزداد تقلب الاسم في الإعراب فكان من الصرف.
والثاني : انه اشتهر في عرف النحويين ان غير المنصرف ما لا يدخله الجر مع التنوين وهذا حد فيجب أن يكون الحد داخلا في المحدود