باب الحذف
وهو على ضربين : حذف لعلّة فيطّرد أين وجدت ، وحذف لا لعلّة فيقتصر فيه على المسموع.
فالأوّل يكون في أحرف أحدها الواو إذا وقعت بين ياء مفتوحة وكسرة حذفت كقولك :
في وعد ووزن يعد (١) ويزن وعلّة ذلك أنّ الواو من جنس الضمّة وهي مقدّرة بضمّتين والكسرة التي بعدها من جنس الياء التي قبلها ووقوع الشيء بين شيئين يخالفانه مستثقل يفرّ منه لا سيّما إذا غلب الشيئان على الشيء الواحد ، وقد وجد ذلك ههنا ؛ لأن الياء متحرّكة فهي كثلاثة حركات والكسرة رابعة والواو كحركتين والمتجانسات أكثر فغلبت يدلّ عليه أنّهم استثقلوا الخروج من كسر إلى ضمّ لازم وهذا في حكمه ولا بدّ في الحكم الذي ذكرناه من تقييد الياء وبالفتحة ؛ لأن الياء إذا ضمّت تثبت الواوك يوعد ويولد إذا سمّيت الفاعل.
وعلّة ذلك : أنّ الواو جانسها ما قبلها وهو ضمّ الياء فقويت لمجانستها ولم يبق إلّا الكسرة وحدها.
فإن قيل : فقد قال بعض العرب وجد يجد بضم الجيم وقد حذف؟
قيل : الأصل الكسر وإنّما ضمّت الجيم على الشذوذ بعد أن استقرّ الحذف.
فإن قيل : فقد قالوا وهب يهب ووسع يسع فحذفوا مع انفتاح ما بعدها؟
__________________
(١) أن يكون الفعل معلوما مثالا واويّا على وزن «يفعل» ، المكسور العين في المضارع ، فتحذف فاؤه من المضارع والأمر ، ومن المصدر أيضا ، إذا عوّضص عنها بالتاء كيعد وعد وعدة.
(فإن لم يعوض عنها بالتاء فلا تحذف. فلا يقال «وعد وعدا» لعدم التعويض. ولا يجوز الجمع بينهما ، فلا يقال «وعدة» ، إلا أن تكون التاء مرادا بها المرة ، أو النوع ، لا التعويض كوعدته عدة واحدة ، أو عدة حسنة.
وإن كان الفعل مجهولا لم تحذف كيوعد. وكذلك إن كان مثالا يائيا كيسر ييسر أو كان مثالا واويا على وزن «يفعل» المفتوح العين. كيوجل ويوجل. وشذ قولهم «يدع ويذر ويهب ويسع ويضع ويطأ ويقع» بحذف الواو مع انها مفتوحة العين).
الثالث أن يكون الفعل معتلّ الآخر ، فيحذف آخره في امر المفرد المذكر كاخش وادع وارم ، في المضارع المجزوم ، الذي لم يتصل بآخره شيء كلم يخش ، ولم يدع ، ولم يرم. غير أن الحذف فيهما لا للإعلال ، بل للنيابة عن سكون البناء في الأمر ، وعن سكون الإعراب في المضارع.