باب ذكر الأسماء المرفوعة
إنّما بدئ بالأسماء لوجهين :
أحدهما : أنّها أصول الأفعال.
والثاني : أنّ إعرابها أصل لإعراب الأفعال.
وإنّما بدئ بالمرفوع (١) ؛ لأن الجملة المفيدة تتمّ بالمرفوع ولا منصوب معه ولا مجرور ولا تجد منصوبا ولا مجرورا إلا ومعه مرفوع لفظا أو تقديرا.
فصل : وإنّما بدأ من بدأ بالمبتدأ قبل الفاعل لوجهين :
أحدهما : أنّه اسم تصدّر الجملة به والفاعل يتأخر عن الصدر.
والثاني : أنّ المبتدأ لا يبطل كونه مبتدأ بتأخيره ، والفاعل إذا تقدّم على الفعل صار مبتدأ لا غير.
فصل : والمبتدأ هو الاسم المجرّد من العوامل اللفظية لفظا وتقديرا المسند إليه خبر أو ما يسدّ مسدّه وفيه احتراز من قولك : أنّ زيد خرج خرجت ، فإنّ (زيدا) مجرّد من العوامل لفظا لا تقديرا إذ التقدير : إن خرج زيد فهو فاعل (٢).
__________________
(١) قال ابن هشام في شرح الشذور : وبدأت منها بالمرفوعات لأنها أركان الإسناد ، والضمير في قولي وهو للفاعل وقولي ما قدّم الفعل أو شبهه عليه مخرج لنحو زيد قام وزيد قائم فإنّ زيدا فيهما أسند إليه الفعل وشبهه ولكنهما لم يقدّما عليه ولا بد من هذا القيد لأن به يتميز الفاعل من المبتدأ وقولي اسند اليه مخرج لنحو زيدا في قولك ضربت زيدا وانا ضارب زيدا فإنه يصدق عليه فيهما أنه قدّم عليه فعل أو شبهه ولكنهما لم يسندا إليه وقولي على جهة قيامه به او وقوعه منه مخرج لمفعول ما لم يسمّ فاعله نحو ضرب زيد وعمرو مضروب غلامه فزيد والغلام وان صدق عليهما انهما قدم عليهما فعل وشبهه واسندا إليهما لكن هذا الإسناد على جهة الوقوع عليهما لا على جهة القيام به.
(٢) المبتدأ وهو نوعان مبتدأ له خبر وهو الغالب ومبتدأ ليس له خبر لكن له مرفوع يغني عن الخبر.
ويشترك النوعان في أمرين ؛ أحدهما : أنهما مجرّدان عن العوامل اللفظية ، والثاني : أن لهما عاملا معنويا وهو الابتداء ونعني به كونهما على هذه الصورة من التجرد للإسناد.
ويفترقان في أمرين ؛ أحدهما : أن المبتدأ الذي له خبر يكون اسما صريحا نحو (الله ربّنا) و (محمّد نبيّنا) ومؤوّلا بالاسم نحو (وأن تصوموا خير لكم) أي وصيامكم خير لكم ومثله قولهم : تسمع بالمعيديّ خير من أن تراه ولذلك قلت المجرد ولم أقل الاسم المجرد ولا يكون المبتدأ المستغني عن الخبر في تأويل الاسم البتة بل ولا كل اسم بل يكون اسما هو صفة نحو أقائم الزّيدان وما مضروب العمران. ـ