باب الحكاية (١)
معنى الحكاية : أن يأتي الاسم أو ما قام مقامه على الوصف الذي كان قبل ذلك والحكاية تكون في المعارف والنكرات.
فالمعارف المحكيّة مختصّة بالأعلام والكنى عند أكثر العرب نحو زيد وأبي محمّد وعلّة ذلك من وجهين :
أحدهما : أنّها أكثر دورا في الكلام إذا كانت التعريفات على الاختصار لا تحصل إلّا بها وما كثر استعماله يخصّ بأحكام لا توجد فيما قل ؛ لأنه لا يلتبس.
والثاني : أن الاعلام قد غيّرت كثيرا نحو محبب ومكوزة وموهب وتهلل والحكاية تغيير فهو من جنس ما لحقها من التغيير.
فصل : فإذا قال القائل : جاءني زيد ، قلت : من زيد؟ رفعت في السؤال البتة وفي رفعة وجهان :
أحدهما : هو خبر من.
والثاني : هو فاعل فعل محذوف كأنّك قلت : أجاءك زيد من الذي من صفته كذا ليكون محكيا ؛ لأن الأوّل فاعل فيكون في الحكاية فاعلا كما في النصب ، وإذا قال : رأيت زيدا قلت : من زيدا ف (من) مبتدأ و (زيدا) مفعول سدّ مسدّ الخبر وكذلك في الجرّ.
فصل : وإنّما حكى الإعراب أهل الحجاز ؛ لأن السامع لهذا السؤال قد لا يكون سمع الكلام الأوّل فأراد المتكلّم أن ينبّهه أنّ ينبه على أن هناك كلاما متقدّما هذا جوابه وإعرابه فأمّا بنو تميم فلا يحكمون بل يرفعون بل يرفعون بكلّ حال.
__________________
(١) الحكاية : إيراد اللفظ على ما تسمعه. وهي ، إما حكاية كلمة ، أو حكاية جملة. وكلاهما يحكى على لفظه ، إلّا أن يكون لحنا. فتتعيّن الحكاية بالمعنى ، مع التنبيه على اللحن. فحكاية الكلمة كأن يقال «كتبت يعلم» ، أي كتبت هذه الكلمة ، فيعلم ـ في الأصل ـ فعل مضارع ، مرفوع لتجرّده من الناصب والجازم ، وهو هنا محكيّ ، فيكون مفعولا به لكتبت ، ويكون إعرابه تقديريا منع من ظهوره حركة الحكاية. وإذا قلت «كتب فعل ماض» فكتب هنا محكيّة. وهي مبتدأ مرفوع بضمة مقدّرة منع من ظهورها حركة الحكاية.