فصل : فإن عطفت أو وصفت لم يحك كقولك : ومن زيد أو من زيد الظريف وعلّته أنّ الواو تعلق ما بعدها بما قبلها فلا يحتاج في ذلك إلى حكاية الإعراب والوصف يخصّص فينبّه على كلام قبله.
فصل : ولا تحكى النكرة ؛ لأن النكرة إذا أعيدت أعيدت بالألف واللام لئلا يتوهم أنّها غير الأوّل ومنه قوله تعالى : (كَما أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولاً (١٥) فَعَصى فِرْعَوْنُ) [المزمل : ١٥ ـ ١٦].
ومن هنا قال ابن عبّاس لن يغلب عسر يسرين والمعنى أنّ قوله تعالى : (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً (٥) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً) [الشرح : ٥ ـ ٦] فاليسر نكرة في الموضعين والثاني : غير الأوّل والعسر بالألف واللام فيهما فهما واحد.
ومن العرب من يحكي النكرة ومنه قول بعضهم تكفيني تمرتان فقال له الآخر دعنا من تمرتان وقال آخر ما أنت قرشيا فقال : لست بقرشيا.
فصل : وإذا أردت أن تحكي النكرة حكيتها ب (من) و (أي) ف (من) تزيد عليها في الرفع واوا وفي النصب ألفا وفي الجرّ ياء وتثنّى وتجمع جمع التصحيح مذكرا كان أو مؤنثا وكلّ ذلك في الوقف ، فإذا قال : جاءني رجل قلت : منو ، ورأيت رجلا قلت : منا ، ومررت برجل مني ، وجاءني رجلان فتقول : منان ، وفي الجرّ والنصب : منين ، وجاءني رجال فتقول : منون ، وفي الجرّ والنصب منين ، وتزيد الهاء للمؤنث فتقول : منه ومنتان ومنتين بسكون النونين ومنات.
فصل : و (من) في جميع ذلك مبنيّة وحروف المدّ علامات على الإعراب وليست إعرابا ولا حروف إعراب والدّليل على ذلك من ثلاثة أوجه :
أحدها : أن : (من) تضمّنت معنى الحرف ، وذلك مستمرّ فيها فيستمرّ البناء.
والثاني : أن هذه العلامات لا تثبت إلّا في الوقف والإعراب يزول في الوقف وأما قول الشاعر من الوافر (١) :
أتوا ناري فقلت منون أنتم
__________________
(١) البيت من شعر تأبط شرا : (٨٥ ق. ه / ٥٤٠ م) وهو ثابت بن جابر بن سفيان ، أبو زهير ، الفهمي.
من مضر ، شاعر عدّاء ، من فتاك العرب في الجاهلية ، كان من أهل تهامة ، شعره فحل ، قتل في بلاد هذيل وألقي في غار يقال له رخمان فوجدت جثته فيه بعد مقتله.