ذكر إبدال الألف
وقد أبدلت من حروف عدّة (١) فمن ذلك الواو والياء إذا تحركتا وانفتح ما قبلهما قلبا ألفين عينين كانتا أو لامين ، وقد خرج عن هذا الأصل أشياء لم تقلب فيها لعلل نذكرها إن شاء الله تعالى ، وإنّما كان الأصل القلب ؛ لأن كلّ واحدة من الواو والياء مقدّرة بحركتين لما ذكر في غير هذا الموضع فإذا انضمّ إلى ذلك حركتها وحركة ما قبلها اجتمع في التقدير أربع حركات متواليات في كلمة ، وذلك مستثقل ، وقد تجنّبوا ما هو دونه في الثّقل كاجتماع المثلين نحو : مدّ وشدّ ، وأصله مدد وشدد فأدغموا فرارا من ثقل التّضعيف ، وقيل : إنّ الياء والواو إذا تحركتا صارت كلّ واحدة منهما بمنزلة حرف مدّ وبعض حرف مدّ آخر أو بمنزلة حرفي مدّ قالوا والمفتوحة كواو وألف والمكسورة كواو وياء والمضمومة كواوين وهكذا حكم الياء واجتماع حروف المدّ يستثقل النّطق به فلذلك قلبوهما إلى الألف.
فإن قيل : لم شرطوا انفتاح ما قبلهما ولم قلبوهما ألفا دون غيره؟
قيل : إنّما كان كذلك ؛ لأن الغرض قلبهما إلى حرف يمتنع تحريكه وليس إلا الألف إذ لو كان القلب إلى حرف متحرّك لكان القلب عبثا والألف لا يكون ما قبلها إلّا مفتوحا ويترتّب على هذا مسائل.
مسألة : لا فرق فيما ذكرنا بين أن يكون الحرفان عينين أو لامين مثل : باب ودار ، وناب وعاب ، والعصا والرّحى.
فإن قيل : إذا كانت الواو والياء لاما كانت حركتها عارضة فلم قلبتا؟
__________________
(١) إذا توّسطت الف ما جمع على مثال (مفاعل) بين حرفي على في اسم صحيح الآخر ، ابدل ثانيهما همزة كأوّل وأوائل ، وسيّد وسيائد ، ونيّف ويائف. والأصل (أو اول وسياود ونياوف) فإن توسطت بينهما الف (مفاعيل) امتنع الإبدال كطاووس وطواويس.
فإن اعتلّت لامه جمعته على مثال (فعالى) كزاوية وزوايا ، وراوية وروايا.
(وزوايا ونحوها جاءت على مثال «فعالى» من حيث الحركات والسكنات وهي في الأصل على مثال «فواعل» لأن اصلها «زوايي» ، بياءين ، اولاهما مكسورة. قلبوا كسرتها فتحة ، ثم قلبوا الياء الثانية ألفا ، لتحركها وانفتاح ما قبلها ، فاصرت إلى «زوايا» وإنما كان اصلها «فواعل» ، لأن واوها اصلها ألف «فاعلة» ، كما في «كاتبة وكواتب» واما واو «زاوية» ، فقد انقلبت إلى الياء في «زوايا»).