والقول الثاني : المحذوف منها العين ؛ لأنها من كار العمامة يكورها كورا إذا دوّرها والكرة كذلك.
فصل في حذف الياء
قد حذفت لاما في يد ويدلّ على أنّ الأصل الياء قولك : يديت إليه يدا إذا أسديت إليه نعمة وسمّيت النعمة يدا ؛ لأن الإنعام بها يكون أو لأنها نعمة إذا كانت آلة البطش ، وقد جاء في الشّعر : [الكامل]
يديان بيضاوان عند محلّم |
|
قد تمنعانك أن تذلّ وتضهدا |
وقد قالوا في الجمع أيد وهو أفعل ، وذلك يدلّ على سكون عين الكلمة في الأصل ؛ لأنه مثل فلس وأفلس فأمّا أياد فأكثر ما يأتي في جمع يد النعمة ، وقد جاء في الجارحة ، وإذا رجع المحذوف فعند سيبويه بفتح الدّال ؛ لأن الحذف فيها كالأصل والتّمام عارض فأبقيت حركتها وعند أبي الحسن يردّ إلى السّكون الذي هو الأصل.
وقد حذفت الياء من دم واصله دمي لقولهم في التثنية : دميان وقال بعضهم دموان وقالوا في الفعل دميت مدمي وهو محتمل الأمرين والأكثر الياء ، وقد جاء في الشّعر دما مثل عصا مقصورا متمما وهو أحد القولين في قوله : [الرّمل].
فإذا هي بعظام ودما
وفي قول الآخر : [الطويل]
ولكن على أقدامنا يقطر الدّما
وقالوا في مئية : مئة فحذفوا الياء وهو الأصل ، وقالوا في الفعل منه : أمأيت الدراهم وهو أفعلت من هذا الأصل ، وحكى الأخفش : أخذت منه ميئية على التمام ، وحذف الياء أقل من حذف الواو ؛ لأن الواو أثقل منها وحذف الأثقل أقرب إلى القياس وحذف الياء أكثر من حذف الألف ؛ لأنها أثقل منها ، وإذا أشكل أمر اللام المحذوفة فاحكم على كونها واوا عند أبي الحسن أخذا بالأكثر وعلى كونها ياء عند سيبويه لخفائها وجعلها تبعا للحركة في هاء الضمير ونحوها.