باب (قبل ، وبعد) (١)
وهما ظرفان على حسب ما يضافان إليه إن أضيفا إلى المكان كانا مكانين وإن أضيفا إلى الزمان كانا زمانين ، وقد يحذف الزمان بينهما وبين ما يضافان إليه كقولك : جئت قبل زيد أي قبل مجيء زيد.
فصل : وهما مبهمان إذا كانا ظرفين فلا يبين معناهما إلا بذكر ما هما ظرفان له ومن هنا لزمتهما الإضافة لفظا أو تقديرا.
فصل : ويضافان إلى المفرد ؛ لأن الإبهام يزول به إذا كانا بعضه أو مضافين له من جنسه.
فصل : ويعربان في الإضافة إذا لم توجد فيهما علّة البناء فخرجا على الأصل. ويبنتيان إذا قطعا عن الإضافة كقوله تعالى : (لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ) [الروم : ٤] وفي ذلك ثلاثة أوجه :
أحدها : أنّهما تنزّلا منزلة بعض الكلمة إذ كانا مبهمين لا يتّضحان إلا بالمضاف إليه فإذا قطعا عنه لم يزل الإبهام إلّا بالنّظر في معنى الكلام ، وإذا أضيفا فهم معناهما باللفظ المتّصل بهما وليسا كالحروف التي معناها في غيرها ولا كالذي المفتقرة إلى الجملة.
والوجه الثاني : أنّهما تضمّنا معنى لام الإضافة إذ كانا مختصين مع القطع كاختصاصهما مع ذكر المضاف إليه والإضافة مقدّرة بالّلام وبتقديرها يتضمنان معناها والاسم إذا تضمّن معنى الحرف بني.
__________________
(١) قبل وبعد ظرفان للزمان ، ينصبان على الظّرفيّة أو يجرّان بمن ، نحو «جئت قبل الظهر ، أو بعده ، أو من قبله ، أو بعده».
وقد يكونان للمكان نحو : «داري قبل دارك ، أو بعدها».
وهما معربان بالنّصب أو مجروران بمن. ويبنيان في بعض الأحوال وذلك إذا قطعا عن الإضافة لفظا لا معنى ـ بحيث يبقى المضاف إليه في النية والتّقدير ـ كقوله تعالى (لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ) ، أي من قبل الغلبة ومن بعدها». فإن قطعا عن الإضافة لفظا ومعنى لقصد التّنكير ـ بحيث لا ينوى المضاف إليه ولا يلاحظ في الذهن ـ كانا معربين ، نحو «فعلت ذلك قبلا ، أو بعدا» ، تعني زمانا سابقا أو لاحقا ، ومنه قول الشاعر.
فساغ لي الشّراب ، وكنت قبلا |
|
أكاد أغصّ بالماء الفرات |