فصل في حذف الهاء
قد حذفت لاما في مواضع وعلّة ذلك شبهها بحروف العلّة وربّما كانت أضعف منها ؛ لأنها تقع وصلا في الشعر متحركة وليس كذلك حروف العلّة ، فمن ذلك شاة والأصل شوهة بسكون الواو وهو أقيس فحذفت الهاء وتحرّكت الواو لتطرّفها فانقلبت ألفا ، وقيل : الواو متحركة في الأصل فانقلبت لتلك الحركة ويدلّ على أنّ الأصل الهاء قولهم : (تشوّهت شاة) أي صدتها وقالوا في الجمع شياه ، وأمّا قولهم في الجمع : (شاء) فقيل قلبت الواو ألفا والهاء همزة مثل ماء ، وقيل : هو أصل آخر والمعنى متّحد ، وقد قالوا أشاويّ وهو أصل ثالث ولا واحد له من لفظه.
ومن ذلك : (شفة) حذفت منها الهاء يدلّ على أنّ أصلها ذلك قولهم في التصغير : شفيهة ، وفي الجمع : شفاه ، وفي الفعل : شافهته مشافهة.
ومن ذلك فم والأصل فوة لقولك : فويه وأفواه ورجل أفوه ومفوّه وتفوهت فحذفت الهاء وأبدل من الواو ميم ، وقد ذكر في البدل. ومن ذلك سنة.
وفي المحذوف قولان :
أحدهما : الهاء لقولك : عاملته مسانهة وليست بسهناء.
والثاني : الواو لقولهم : سنوات ومساناة وابدلوا منها التاء ، فقالوا : أسنتوا فعلى هذا تصغّر على سنيهة وسنيّة.
ومن ذلك : (أست) والأصل : ستهة ، لقولهم : ستيهة واستاه ، ورجل ستاهى عظيم الاست.
ومنهم من يحذف التاء فيقول : (سه) ومنه الحديث عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم : «العينان وكاء السّه» (١).
__________________
(١) أخرجه الدارمي في سننه من حديث معاوية بن ابي سفيان (٧٢٢) ، وأخرجه البوصيري في إتحاف الخيرة (٨٩٦) ، وأخرجه الطحاوي في مشكل الآثار (٣٤٣٣) ، وأخرجه ابن عدي في الكامل ج ٢ / ٢٠٨.