باب القسم
القسم ليس بمصدر (أقسمت) ، بل هو عبارة عن جملة اليمين فهو بمعنى المقسم به فهو كالقبض والنقض بمعنى المقبوض والمنقوض.
فصل : والغرض منه توكيد الكلام الذي بعده من إثبات أو نفي.
فصل : المقسم به كلّ معظّم إلّا أنّه نهى عن الحلف بغير الله تعالى.
فصل : والأصل فيه : (أقسم) و (أحلف) ؛ لأن ذلك يدلّ بصريحه عليه إلا أنّ الفعل حذف لدلالة حرف الجر والجواب عليه.
فصل : وأصل حروف القسم (١) (الباء) ؛ لأن فعل القسم يتعدّى بها دون غيرها ؛ ولذلك جاز الجمع بين الفعل والباء ولم يجز إظهار الفعل مع الولو والتاء.
فصل : وتدخل (الباء) على المضمر والمظهر ؛ لأنها أصل فتجري في كلّ مقسم به.
فصل : و (واو) القسم بدل من الباء لأنّهم أرادوا التوسعة في أدوات القسم لكثرته في كلامهم و (الواو) تشبه الياء من وجهين :
أحدهما : أنّ الباء للإلصاق والواو للجمع والمعنيان متقاربان.
والثاني : أنّهما جميعا من الشفتين فأمّا الفاء وإن كانت من الشفتين ففيها معنى غير الجمع وهو الترتيب في العطف والجواب ولكون الواو بدلا لا تدخل على المضمر ؛ لأنه بدل من المظهر فلم يجتمع بدلان.
فصل : و (التاء) بدل من : (الواو) هنا كما أبدلت في : (تراث وتجاه وتهمة وتخمة) ولمّا كانت بدلا عن بدل اختصّت لضعفها باسم الله تعالى خاصّة ؛ لأنه أكثر في باب القسم ولا يجوز (تربّي) ، وقد حكي شاذّا.
فصل : وقد استعملوا (اللام) في القسم إذا أرادوا التعجّب كقولهم : لله أبوك لقد فعلت ، وإنما جاؤوا بها دون الحروف الأول ليعلم أنّ القسم قد انضمّ إليه أمر آخر ، وكانت اللام أولى بذلك لما فيها من الاختصاص والمقسم به مع التعجب مختصّ.
__________________
(١) والواو والتاء والباء تكونان للقسم ، كقوله تعالى (وَالْفَجْرِ وَلَيالٍ عَشْرٍ ،) وقوله (تَاللهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ.) والتاء لا تدخل إلا على لفظ الجلالة. والواو تدخل على كل مقسم به.