باب المفعول معه
كلّ اسم وقع بعد الواو التي بمعنى : (مع) وقبلها فعل وفاعل فذلك الاسم منصوب واختلفوا في ناصبه.
فمذهب سيبويه والمحقّقين أنّه الفعل المذكور كقولك : (قمت وزيدا) فالناصب : (قمت) ؛ لأن الاسم منصوب والنصب عمل ولا بدّ للعمل من عامل و (الواو) غير عاملة للنصب ولا شيء هنا يصلح للعمل إلا الفعل.
فإن قيل : الفعل هنا لازم والواو غير معدّية له إلى المنصوب؟
قيل : المتعدّي إلى الاسم ما تعلّق معناه به والواو علقّت الفعل بالاسم فكان الناصب هو الفعل بواسطة الواو كما كان الفعل عاملا في المستثنى بواسطة : (إلا) ؛ لأنها علّقت الفعل بما بعدها ولم تصلح هي للعمل.
وقال الزجاج : الناصب له فعل محذوف تقديره : (قمت) أو (لابست) أو (صاحبت) زيدا ولا يعمل الفعل المذكور لحيلولة الواو بينهما وهذا ضعيف ؛ لأن الفعل المذكور إذا صحّ أن يعمل لم يجعل العمل لمحذوف ، وقد صحّ بما تقدّم ، وأمّا الواو فغير مانعة لوجهين :
أحدهما : أنّ بها ارتبط الفعل بالاسم فأثّر فيه في المعنى فلا يمنع من تأثيره فيه لفظا.
والثاني : أنّها في العطف لا تمنع كقولك : ضربت زيدا وعمرا. فالناصب ل (عمرو) الفعل المذكور لا الواو ولا فعل محذوف.
وقال الكوفيّون : ينتصب على الخلاف ، وقد أفسدناه في باب (ما). ومعنى كلامهم : أنّ الاسم الثاني غير مشارك للأوّل في الفعل المذكور فلم يرفع لذلك بل نصب كما ينصب المفعول للخلاف.
وقال أبو الحسن الأخفش : ينتصب الاسم انتصاب الظروف ؛ لأنه ناب عن (مع) كما أنّ (غيرا) في الاستثناء تعرب إعراب الاسم الواقع بعد (إلّا) ، وهذا ضعيف لبعد ما بين هذه الأسماء وبين الظروف و (مع) ظرف و (الواو) قائمة مقامها في المعنى ، فإذن ليس في اللفظ ما يصلح أن يكون ظرفا ولا فرق بين تقوية الفعل بحرف الجرّ والواو حتّى يتّصل معناه بالاسم