باب أقسام الكلم
إنما علم كون الكلم (١) ثلاثا فقط من وجهين :
أحدهما : أن الكلام وضع للتعبير عن المعاني ، والمعاني ثلاثة : معنى يخبر به ، ومعنى يخبر عنه ، ومعنى يربط أحدهما بالآخر ، فكانت العبارات عنها كذلك.
الثاني : أنهم وجدوا هذه الأقسام تعبر عن كل معنى يخطر في النفس ، ولو كان هناك قسم آخر لم يوقف عليه لكان له معنى لا يمكن التعبير عنه.
فصل : وإنما فرق بين هذه العبارات في التسمية لاختلاف المعبر عنه.
فصل : وإنما خص كل واحد منهما بالاسم الذي وضعوه له لوجهين :
١ ـ أحدهما : أن المراد الفرق بين الأسماء ليحصل العلم بالمسميات ، وأي لفظ حصل بهذا المعنى جاز.
٢ ـ والثاني : أنهم خصوا المخبر عنه وبه بالاسم ؛ لأنه أي علا القسمين الآخرين إذ كان أحدهما يخبر به فقط والآخر لا يخبر به ولا عنه ، وسموا ما يخبر به فعلا ؛ لأنه مشتق من المصدر الذي هو فعل حقيقة ، ولم يسموه زمانا وإن دل على الزمان لوجهين :
أ ـ أحدهما : أن دلالته على المصدر أقوى إذ دلالته على الزمان تختلف ويصح أن تبطل دلالته عليه بالكلية وأما دللاته على المصدر فلا يصح ذلك فيها.
ب ـ والثاني : أنه لو سمي زمانا لم يدل على الحدث بحال ، وإنما سمي فعلا (٢) ؛ لأنه دل على الحدث لفظا ، وعلى الزمان من طريق الملازمة ؛ إذ يستحيل فعل المخلوق إلا في زمان ، ولم
__________________
(١) الكلم اسم جنس واحده كلمة وهي إما اسم وإما فعل وإما حرف لأنها إن دلت على معنى في نفسها غير مقترنة بزمان فهي الاسم وإن اقترنت بزمان فهي الفعل وإن لم تدل على معنى في نفسها بل في غيرها فهي الحرف.
(٢) قال ابن عقيل في شرحه على الألفية : الفعل يمتاز عن الاسم والحرف بتاء فعلت والمراد بها تاء الفاعل وهي المضمومة للمتكلم نحو فعلت والمفتوحة للمخاطب نحو تباركت والمكسورة للمخاطبة نحو فعلت ، ويمتاز أيضا بتاء أتت والمراد بها تاء التأنيث الساكنة نحو نعمت وبئست فاحترزنا بالساكنة عن اللاحقة للأسماء فإنها تكون متحركة بحركة الإعراب نحو هذه مسلمة ورأيت مسلمة ومررت بمسلمة ومن اللاحقة