باب (حيث) (١)
وهي ظرف مكان وقال الأخفش تكون زمانا أيضا كقول طرفة : [المديد]
للفتى عقل يعيش به |
|
حيث تهدي ساقه قدمه |
أي : مدّة حياته وهذا غير لازم إذ يمكن أن يكون المعنى في أيّ مكان كان.
فصل : وهي مبهمة يبيّنها ما بعدها ولا تكاد العرب توقع بعدها المفرد بل تبيّنها بالجملة ، وذلك لشدة إبهامها وإرادة تعيّنها بإضافتها إلى المعيّن ، وذلك لأنّك لو قلت : جلست حيث الجلوس أو حيث زيد لم يكن في ذلك إيضاح تامّ لاحتماله ، فإذا قلت : حيث جلس زيد لم يبق فيه احتمال ، وقد جاء المفرد بعدها في الشعر كقول الراجز :
أما ترى حيث سهيل طالعا
ويروى سهيل بالرفع على الابتداء والخبر محذوف دلّت عليه الحال وهي قوله : (طالعا) ويروى بالجر فمنهم من يقول بإضافتها إلى المفرد وهي مبنيّة كقوله تعالى : (مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ) [هود : ١] ، ومنهم من ينصب حيث ويعربها ويجرّ ما بعدها بالإضافة.
فصل : وأمّا حالها في الشّرط فتكفّ عن الإضافة على ما بيّناه.
فصل : وهي مبنية على الضمّ في اللغة الجيدة وفيه ثلاثة أوجه :
أحدها : أنها ناقصة لا تتمّ إلّا بجملة توضحها فهي كالذي.
والثاني : أنّها خرجت عن نظائرها من أسماء الأمكنة فإنّ مبهمها يتّضح بالإضافة إلى المفرد نحو خلفك وقدامك.
والثالث : أنّها تضمّنت معنى حرف الإضافة إذ من حكم كل مضاف أن يظهر بعده حرف الإضافة نحو غلامك وثوب خز وقدّام لك فلمّا لم يظهر كان متضمنا لها والاسم إذا تضمّن معنى الحرف بني.
__________________
(١) إن سمّيت بكلمة مبنيّة أبقيتها على حالها ، وكان إعرابها مقدّرا في الأحوال الثلاثة. فلو سميت رجلا «ربّ» ، أو «من» ، أو «حيث» ، قلت «جاء ربّ. أكرمت حيث. أحسنت إلى من». فحركات الإعراب مقدّرة على أواخرها ، منع من ظهورها حركة البناء الأصلي.
وكذا إن سمّيت بجملة ـ كتأبط شرا ، وجاد الحقّ ـ لم تغيرها للاعراب الطّازىء ، فتقول «جاء تأبط شرا ، أكرمت جادا الحقّ». ويكون الإعراب الطارئ مقدّرا ، منع ظهور حركته لحركة الإعراب الأصلي.