فإن قلت : زيد يضربها لم تمل الألف ؛ لأن بينها وبين كسرة الرّاء حاجزين قويين وهما الضمّة والهاء ، فإن كانت الباء مفتوحة نحو : يريد أن يضربها ، فأكثرهم لا يميل ، ومنهم من أمال لضعف الحاجز ؛ لأن الفتحة خفيفة والياء خفيّة ، ومنهم من يقول على هذا : رأيت يدها وهو بيننا وفينا وعلينا فيميل من أجل الياء.
فصل في موانع الإمالة
وهي حروف الاستعلاء والرّاء ، فحروف الاستعلاء سبعة وهي : الخاء والغين والقاف والصّاد والضّاد والطّاء والظّاء ، وهذه إذا وقعت قبل الألف سواء أو بعدها بحرف أو أكثر منعت الإمالة والعلّة في ذلك أنّ الحرف المستعلي ينحى به إلى أعلى الفم والإمالة تحرف الحرف إلى مخرج الياء ، وهي من أسفل الفم والصّعود بعد التسفّل شاقّ فلذلك منع وهذا نحو : قاعد وغالب ، ونحو : نافخ وناشط.
وهذا مذهب كلّ العرب إلّا ما حكي عن بعضهم إمالة مناشيط ، وذلك لبعد الطّاء من الألف وكون الياء معها.
فصل : فإن كان حرف الاستعلاء قبل الحرف الذي يليه الألف مكسورا جازت الإمالة نحو : خفاف وقباب وضراب ونحو ذلك ؛ لأن الصوت أخذ في التسفّل والتحدّر فاستمرّ في المستعلي إلى أن بلغ الألف على التسفّل ، وذلك سهل وكذا إن كان بينهما حرفان نحو : مصباح ومقلات ، ومنهم من لا يميل هنا ؛ لأن حرف الاستعلاء ساكن والكسرة في غيره ، فإن كان حرف الاستعلاء هنا مفتوحا أو مضموما لم تجز الإمالة ؛ لأن الصوت لم يكن متسفّلا حتى يجانس ما بعده.
فصل : فإن كان حرف الاستعلاء مع الألف المبدلة التي يجوز إمالتها مع غير المستعلي جازت مع المستعلي نحو : سقى وأعطى ومعطى وخاف ويشفى وما أشبه ذلك ؛ لأن سبب الإمالة قويّ فغلب المستعلي.