باب الإعراب والبناء
الإعراب (١) عند النحويين : هو اختلاف آخر الكلمة لاختلاف العامل فيها لفظا أو تقديرا ، ويدخل في هذا إعراب الاسم الصحيح والمعتل ، فالمقصور يقدر على ألفه الإعراب كاللفظ ، وليس كذلك آخر المبني فإن آخره إذا كان ألفا لا تقدر عليه حركة إلا أن يكون مما يستحق البناء على الحركة.
فصل : وفي أصله الذي نقل منه أربعة أوجه :
أحدها : أنه من قولهم : (أعرب الرجل) إذا أبان عما في نفسه والحركات في الكلام كذلك ؛ لأنها تبين الفاعل من المفعول وتفرق بين المعاني كما في قولهم : (ما أحسن زيدا!) فإنه إذا عري عن الحركات احتمل النفي والاستفهام والتعجب ، وكذلك قولك : (ضرب زيد عمرا) لو عريته من الإعراب لم تعرف الفاعل من المفعول.
والثاني : أنه من قولك : (أعرب الرجل) إذا تكلم بالعربية كقولهم : (أعرب الرجل) إذا كان له خيل عراب ، فالمتكلم بالرفع والنصب والجر متكلّم كلام العرب وليس البناء كذلك ؛ لأنه لا يخصّ العرب دون غيرهم.
والثالث : أنّه من قولهم : (أعربت معدة الفصيل) إذا عربت ، أي : فسدت من شرب اللبن ، فأصلحتها وأزلت فسادها ، فالهمزة فيه همزة السلب كقولك : (عتب عليّ فأعتبته وشكا فأشكيته).
__________________
(١) الإعراب أثر ظاهر أو مقدّر يجلبه العامل في آخر الاسم المتمكّن والفعل المضارع ، وللإعراب معنيان لغوي وصناعي ، فمعناه اللغوي الإبانة يقال أعرب الرجل عمّا في نفسه إذا أبان عنه وفي الحديث البكر تستأمر وإذنها صماتها والأيّم ، تعرب عن نفسها أي تبيّن رضاها بصريح النطق.
ومعناه الاصطلاحي ما ذكرت مثال الآثار الظاهرة الضمة والفتحة والكسرة في قولك جاء زيد ورأيت زيدا ومررت بزيد ألا ترى أنها آثار ظاهرة في آخر زيد جلبتها العوامل الداخلة عليه وهي جاء ورأى والباء ومثال الآثار المقدرة ما تعتقده منويّا في آخر نحو الفتى من قولك جاء الفتى ورأيت الفتى ومررت بالفتى فإنك تقدر في آخره في المثال الأول ضمة وفي الثاني فتحة وفي الثالث كسرة وتلك الحركات المقدرة إعراب كما أن الحركات الظاهرة في آخر زيد إعراب.