باب الحال
الحال : مؤنثة لقولك في تصغيرها : (حويلة) ، وحقيقتها أنّها هيئة الفاعل أو المفعول وقت وقوع الفعل المنسوب إليهما.
وأصلها : أن تكون اسما مفردا ؛ لأنها تستحقّ الإعراب ، وكلّ معرب مفرد ، والأفعال ليست مفردة ، وإنّما لزم أن تكون نكرة لثلاثة أوجه :
أحدها : أنّها في المعنى خبر ثان ، ألا ترى أنّ قولك : جاء زيد راكبا قد تضمّن الإخبار بمجيء زيد وبركوبه حال مجيئه ، والأصل في الخبر التنكير.
والثاني : أنّ الحال جواب من قال : كيف جاء؟ و (كيف) سؤال عن نكرة.
والثالث : أنّ الحال صفة للفعل في المعنى ؛ لأن قولك : (جاء زيد راكبا) يفيد أنّ مجئيه على هيئة مخصوصة والفعل نكرة فصفته نكرة.
وإنّما وجب أن تكون مشتقّة ؛ لأنها صفة وكلّ صفة مشتقة فإنّ وقع الجامد حالا فهو محمول على المعنى كقولك : (هذا زيد أسدا) أي : شجاعا جزئيا ، و (هذِهِ ناقَةُ اللهِ لَكُمْ آيَةً) [الأعراف : ٧٣] أي : دالّة معرّفة ، وكذلك نظائره.
وإنّما لزم أن تكون منتقلة ؛ لأنها خبر في المعنى والأخبار تتجدّد فيجهل المتجدّد منها فتمسّ الحاجة إلى الأعلام به.
وإنّما قدرت ب (في) ؛ لأنها مصاحبة للفعل على ما ذكرنا والمصاحبة مقارنة الزمان وعلامة الزمان : (في) ، وإنّما لزم أن يكون صاحبها معرفة أو كالمعرفة بالصفة ؛ لأنها كالخبر والخبر عن النكرة غير جائز ؛ لأنه إذا كان نكرة أمكن أن تجري مجرى الحال صفة فلا حاجة إلى مخالفتها إيّاه في الإعراب.
وقد جاءت أشياء تخالف مأصّلنا ردّت بالتأويل إلى هذه الأصول فمن ذلك وقوع الحال معرفة كقولهم : [البسيط]
أرسلها العراك ...