باب ما ينتصب بفعل محذوف
فمن ذلك مرحبا وأهلا وسهلا وفي نصبها وجهان (١) :
أحدهما : هي مفاعيل لفعل محذوف تقديره لقيت رحبا وأهلا وسهلا فاستأنس.
والثاني : أن يكون مرحبا مصدرا ، أي : رحبت بلادك مرحبا وسهلت سهلا وتأهّلت أهلا ، أي : تأهّلا فإن دخلت لا على هذه الكلمات بقي النصب على الوجهين ، ومن العرب من يرفعهما على تقدير خبر محذوف أي لك عندي مرحب.
فصل : وأمّا ويله وويحه وويسه فينتصب مع الإضافة على تقدير : ألزمه الله ويله ، أو على المصدر بفعل من معناها لا من ألفاظها ؛ لأنها لم يستعمل منها فعل فكأنّه قال : أحزنه الله حزنه ، فإن لم تضفها كان الرفع أجود كقوله تعالى : (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ) [المطففين : ١] وجاز الابتداء بالنكرة لما فيها من معنى الفعل والنصب جائز كالمضاف.
فصل : وأمّا (لبّيك وسعديك وحنانيك) فمصادر ، والتقدير : أقمت على طاعتك إقامة بعد إقامة ، وسعدت بها سعدا بعد سعد ، وتحنّن علينا تحنّنا بعد تحنّن ، واشتقاق لبّيك من ألبّ بالمكان ولبّ به إذا أقام ، وهذه التثنية في معنى الجمع عند سيبويه وأصحابه.
وقال سيبويه : هو مفرد قلبت ألفه ياء مع المضمر مثل كلا وهذا غير صحيح ؛ لأنه قد جاء بالياء مضافا إلى الظاهر قال الشاعر : [المتقارب]
دعوت لما نابني مسورا |
|
فلبّي فلبّي يدي مسور |
فصل : ومّما ينتصب بفعل محذوف قولك لمن رأيته يرمي بسهم : القرطاس ، أي : أصاب القرطاس ، ولمن يطلب إنسانا هرب منه : زيدا ، أي : اطلب زيدا ، وإنّما جاز حذفه ؛ لأن مشاهدة الحال أغنت عنه.
__________________
(١) الفعل يجب حذفه في الأمثال ونحوها مما اشتهر بحذف الفعل ، نحو «الكلاب على البقر» ، أي أرسل الكلاب ، ونحو أمر مبكياتك ، لا أمر مضحكاتك» ، أي الزم واقبل ، ونحو «كلّ شيء ولا شتيمة حرّ» ، أي ائت كلّ شيء ، ولا تتي شتيمة حرّ ، ونحو «أهلا وسهلا» ، أي جئت أهلا ونزلت سهلا.